جاء قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، امتدادًا طبيعيًا لتوجهات حكومة المملكة، ونصرًا جديدًا لتمكين المرأة في المجتمع، وزيادة وتعزيز دورها في حركة التنمية، كحدث مُكمِّل لدورها الريادي في بناء النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى الرغم من أنَّ القرار لا يرقى في قيمته إلى قرارات تمكين المرأة الأخرى- مثل مشاركتها في مجلس الشورى، وإدماجها في مجالات حيوية أخرى- إلا أنَّ قيمته تتضاعف، عبر انعكاساته على المجتمع السعودي بصورة مباشرة، وتأثيره الكبير على العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وامتداده ليشمل كل مناحي الحياة.
وبالنظر إلى القرار من زاوية الإيجابيات، نجده دفعة قوية في اتجاه تدعيم حقوق المرأة، ويمكن أن يسهم في إيجاد دور جديد لها في المجتمع، فعلى المدى القريب سيقلل القرار من مصروفات الأسر السعودية بنسب كبيرة؛ إذ كان أغلبها يضطر إلى استقدام أكثر من سائق خاص لتسهيل حركة الأبناء وحركة المرأة.
والقيمة الأكبر للقرار، تتمثل في تحقيق المزيد من الأمن والأمان والطمأنينة للأسر؛ لأنه سوف يسهل حركة المرأة وحركة الآخرين؛ وبالتالي تضمن تواجدًا مهمًا مع أبنائها وأفراد أسرتها، ومزيدًا من الرعاية والتوجيه.
كذلك، يسهم القرار في تسريع حركة المرأة لإنجاز مهامها العملية والاجتماعية، فبدلًا من الانتظار، يمكنها الحركة في الزمان الذي يتناسب مع أوضاعها وترتيباتها، علاوة على أن القرار سينعش مجال تجارة السيارات وقطع الغيار؛ وبالتالي سيرتفع الطلب -بمعدلات متسارعة- على القطاعين على المدى القريب والمتوسط، كما يشمل ذلك الانتعاش في مجال التأمين والمجال القانوني.
ومن أهم إيجابيات القرار، أنَّه سيتيح للمرأة استقلالية نوعية، ويوفر لها خصوصية تمارس من خلالها تفاعلاتها الإنسانية والاجتماعية بحرية كاملة، ويُنهي كثيرًا من معاناتها، وتحفظها على ممارسة أشياء خاصة بها، تتطلب أن يكون لها خصوصية، مكانًا وزمانًا.
وقد تعاني المرأة قليلًا بعد دخول القرار حيز التنفيذ، وقد تحدث مضايقات متعمدة وغير متعمدة من البعض، لكنه يدخل في إطار رد الفعل الطبيعي على تواجد المرأة بجانب الرجل في طريق واحد كان يملكه هو فقط، إلى أن يتم التعود على وجودها في الطريق، وحينها ستجد الدعم والمساندة من شركاء الطريق.
ينبغي على المرأة، الاستعداد النفسي لتنفيذ القرار، والاهتمام بتفاصيل مهمة في تعاملها معه؛ كمعرفة قوانين المرور، وعدم الاستجابة للاستفزازات المتوقعة من البعض على الطريق. وعليها أيضًا، أن تقدم نموذجًا مختلفًا من الالتزام القوي تجاه الطريق وشركاء الطريق، مع التركيز على التدريب المكثف قبل الانطلاق، فكل خطوة يمكن أن تُحسب عليها، باعتبارها وافدًا جديدًا على الطريق.
لاشك في أن المرأة السعودية راشدة، وتستطيع أن تثبت للجميع قدرتها على الاستفادة بشكل إيجابي من الفرصة الممنوحة لها، بما يصب في خدمة مجتمعها، استنادًا إلى التجارب السابقة التي أثبتت فيها جدارتها وتميزها.