أسهمت الاستراتجيات والسياسات والخطط والبرامج التي وضعتها حكومة المملكة الرشيدة في بروز إيجابيات، شملت كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنَّ النقلة الفعلية والأثر الكبير وضح جليًا في العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية، بعد بداية تنفيذ برنامج التحول الوطني ورؤية 2030؛ إذ كان لقطاع العقار النصيب الأكبر من التحولات والنشاط صعودًا وهبوطًا وصولًا إلى مرحلة الاستقرار التي بدأت ملامحها تتبلور.
لم يشهد القطاع العقاري في المملكة استقرارًا ممتدًا لسنوات، على الرغم من محافظته على مكانته وأهميته مع التقلبات المتعددة التي حدثت في الاقتصاد العالمي عمومًا، والاقتصاد السعودي خصوصًا، إلا أنه ظل أكثر أمانًا للمستثمرين؛ كنتيجة طبيعية لاهتمام الحكومة بالقطاع، وسعيها لتطوير الأنظمة والإجراءات للمستثمرين والقطاع الخاص في مجال العقار.
وفي ظل النمو السكاني المتزايد، أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بقطاع الإسكان؛ حيث اتخذت الدولة نهجًا مختلفًا؛ لتحقيق التزاماتها، يعتمد على التقنيات الجديدة؛ مثل: الرسوم المعمارية ثلاثية الأبعاد، والمباني الجاهزة، واستخدام أحدث التقنيات في البناء، وتوفير المزيد من الحوافز للمستثمرين في هذا القطاع؛ فكانت المحصلة نمو قطاع الأنشطة العقارية بنسبة 2,2% عام 2018م مدفوعًا ببرنامج سكني تابع لوزارة الإسكان.
وفي العام الحالي، أعلنت وزارة الإسكان عن قائمة تضم 200 ألف مواطن يستحقون الحصول على منتجات سكنية في برنامج سكني خلال العام نفسه، بقروض ميسرة، وتسهيلات كبيرة ومشجعة للشباب ورواد الأعمال؛ الأمر الذي ساهم في إقبال معظم الراغبين في الحصول على فرص سكن، أو استثمار؛ للانضمام إلى النشاط في هذا المجال؛ إذ تُعد تلك الخطوات- من جانب الجهات المعنية- ضمن الحلول العملية لمعالجة ملف الإسكان، سبقتها عدة قرارات أسهمت في حل مشاكل قطاع الإسكان.
ويرتبط القطاع العقاري بشكل رئيس بوضع السوق الكلي؛ فإذا نظرنا إلى حركة النمو الكبيرة التي تشهدها القطاعات غير النفطية في المملكة، سنجد نشاطًا ورواجًا واضحين بالقطاع العقاري بالتبعية، سواء كان سكنيًا أو تجاريًا.
ومع بداية خطة التحول الوطني للاعتماد على مصادر للدخل- بخلاف النفط -والاعتماد على قطاعات متنوعة، سيلاحق القطاع العقاري نمو متزايد للقطاعات المختلفة؛ إذ ترتكز عليه أغلب القطاعات الأخرى بشكل أساسي، خاصة قطاع البناء والتشييد.
وتدل كل المؤشرات على أن هذه السوق لا تزال تشهد نموًا ملحوظًا؛ إذ لم يتراجع الطلب على العقار بشكل كبير؛ وهو ما يمكن إدراكه من خلال استمرار الطلب على الشقق السكنية والأراضي؛ بهدف إقامة مشاريع عمرانية وسكنية، سواء كانت استثمارية أو خدمية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات المهمة، من المتوقع أن يشهد قطاع الإسكان طفرات كبيرة، واستثمارات ضخمة، يمكن أن تسهم في تسريع الحلول المطروحة لمشكلة السكن في المملكة، إضافةً إلى النمو المتوقع في مجالات الفنادق والمجمعات السكنية الجماعية في مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ حيث تستهدف المملكة استضافة نحو 30 مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030م؛ ما يتطلب مزيدًا من الفنادق ومرافق الإيواء، وما يصاحبها من مشاريع تجارية واستثمارية، ونمو متوازٍ في مجالات القطاعات السياحية، ويُتوقع تبعًا لذلك ارتفاع معدلات نمو القطاع العقاري خلال السنوات القادمة.
وبالنظر إلى الفترة السابقة ومقارنتها بالفترة الحالية، نجد عدة تحوّلات ومبادرات استهدفت تنمية القطاع وتحفيزه وتنظيمه، ستسهم في زيادة العروض والمنتجات بوتيرة سريعة؛ إذ تعد خطوة مهمة في طريق الشراكة مع القطاع الخاص.
إنَّ الأمر يحتاج إلى تحديد رؤية واسعة تتوافق مع المتطلبات والمتغيرات المتوقعة؛ من خلال وضع استراتيجية شاملة، تسهم في تحويل قطاع العقار إلى صناعة، لاسيَّما وأن أسعار العقار صارت معقولة، بعد نجاح سياسات حكومة المملكة.