تتعدد أسباب طرق باب الأعمال الحرة؛ فإما الحاجة إلى الابتعاد عن نظم العمل التقليدية والالتزام بضغوط مواعيد الحضور والانصراف، أو الرغبة في ترجمة أفكار إبداعية لا تجد مجالًا لإطلاقها في قالب الوظيفة الثابتة، أو امتلاك قدر كاف من رأس المال المحفز على بدء مشروع جديد مستقل. وفي هذا الإطار، خلص خبراء ريادة الأعمال إلى بعض الأمور الواجب إدراكها جيدًا قبل طرق ذلك الباب:
- استبعاد مفهوم التأثير المماثل Pricing Effect
يقصد بالـ Pricing Effect؛ توقع نجاح المشروع؛ بسبب محاكاته مشروعًا مماثلًا قائمًا وناجحًا بالفعل. وهذا في كثير من الأحيان أمر غير صحيح؛ إذ يتجه كثيرون نحو استنساخ مشروعات قائمة فقط؛ لأنها حققت النجاح المرجو، فينتهي بهم المطاف إلى الفشل؛ لأنه ليس كل مشروع ناجح إذا تم استنساخه يعطي النتائج ذاتها.
لذلك، فإنَّ استبعاد ذلك المفهوم قبل طرق باب الأعمال، يجعلك متفائلًا بالنجاح.
- القيمة المضافة The Value Added
لابد من الموازنة بين حب المخاطرة والمجازفة لدخول عالم الأعمال، وبين التأني والدراسة الحثيثة لكافة جوانب المجتمع المحيط من مختلف زواياه؛ حتى وإن استغرق الأمر شهورًا أو حتى أعوامًا، من أجل الخروج بفكرة تضيف إلى البيئة المحيطة؛ فإذا ما تحقق للمشروع شرط إضافة منتج أو خدمة جديدة قادرة على سد فجوة ما في المجتمع، زاد احتمال نجاحه، وقلَّت نسبة المخاطرة، واجتاز نصف طريقه.
وفي حال عدم وجود قيمة مضافة للمشروع؛ أي إنه متكرر؛ فلا بد من عرض المنتجات ذاتها ولكن بميزة جديدة، كعرضها بأسعار أقل من تلك الموجودة في السوق. إذًا، لا بد من وجود ثمة اختلاف في المنتج أو الخدمة التي يتمحور حولها مشروعك الجديد.
- السمات الشخصية
لا يمكن لشخص يخشى المجازفة، أن يقتحم عالم تحيط به المخاطر، فإذا كنت ذلك الشخص غير المستعد بشكل كافٍ لأخذ زمام المبادرة تجاه مشروع يحمل في طياته احتمالات الفشل مثلما يحمل احتمالية النجاح، أو كونك من أولئك الذين يصابون بالإحباط سريعًا وتقل همتهم إذا ما صادفوا أول عقبة في طريقهم؛ فلا داعٍ لطرق ذلك الباب من البداية، واعلم أنك قد تجد جل نجاحك ورضاك الذاتي في وظيفة آمنة ومستقرة، تتيح لك الارتقاء إلى منصب رفيع.
4-العلم والتجربة
لا يعتمد النجاح في عالم الـ Bussiness على العلم وحده أو التجربة وحدها، بل لابد من الاتكاء عليهما سويًا، فإن كنت بصدد تأسيس مشروعك، فلا تلقِ بنفسك في التجربة العملية قبل دراسة العلوم النظرية الخاصة بالتسويق، والإدارة، والتخطيط، وتطوير الأعمال، وغيرها، علاوة على تعلم بعض المهارات الشخصية التي تنمي قدراتك الذاتية؛ كفنون القيادة، والإبداع، ومهارات تنظيم الوقت..إلخ.
إنَّ التعلم والدراسة يقصران مسافة النجاح، ونحن نرى كثيرين ممن بادروا بتأسيس مشروعاتهم دون أخذ قسط كافٍ من التعلم، فمنهم من وصل إلى مراده، ولكن بعد المرور بكثير من العراقيل؛ لعدم اكتراثه بهذا الجانب، ومنهم من باءت محاولاته جميعها بالفشل.
5-القراءة والاطلاع
العلم والدراسة وحدهما لا يكفيان لمواكبة التغيرات الحادثة بالأسواق، بل لابد من القراءة المستمرة في كافة المجالات عامة وفي تخصصك خاصة؛ كي يكون لك السبق في معرفة كل جديد يدور حولك، بالإضافة إلى الاستفادة من قصص الآخرين وتجنب مسببات فشلهم.
ويعد الاطلاع المستمر قبل وأثناء وبعد تأسيس المشروع، أمرًا لا يمكن الاستغناء عنه أو التقصير فيه؛ فبالمتابعة يمكنك ربط الأحداث لابتكار أشياء جديدة أو التوصل إلى طريقة جديدة لاختصار وقت تنفيذ الأعمال، كما يعد ذلك أمرًا ضروريًا للتفوق على المنافسين والتميز عنهم.
6-الشغف
يتجه البعض نحو طرق باب العمل الحر وتأسيس مشروع بعينه، فقط لأن أرباحه تبدو مضمونة إلى حدٍ كبير؛ حتى ولو لم يكن لديهم الشغف الكافي تجاه ذلك المجال، وهو ما يترتب عليه أضرار بالغة تظهر بشكل أوضح في الأوقات الصعبة وفترات تعثر المشروع.
هنا إن لم تكن محبًا لمجال تخصصك- كأن تؤسس مشروع لولعك بمجال التصوير، أو الرسم، أو الطهي، أو الحياكة- فقد يتسلل الإحباط إليك بشكل أسرع، وقد تنهار عزيمتك عند أول مطب.
على النقيض، يسهم توفر عامل الشغف إلى التفاني والاجتهاد وعدم الاستسلام للمشكلات، بل والاستفادة منها وحسن توظيفها بما يخدم أهداف المشروع، كما يمثل حافزًا قويًا نحوالإبداع واكتساب ميزات تنافسية في مجال عملك؛ لأنك إذا أحببت شيئًا ستكون الأقدر –بلا شك- على الإبداع فيه؛ فلا تجعل هدفك الأول كسب المال، بل فعل شئ تحبه، وهو ما سيجلب لك المال تلقائيًا، وبوتيرة أسرع مما تظن.
الخلاصة:
عليك بالتأني ثم التأني قبل طرق الباب الذي قد ينقلك إلى عالم آخر ملئ بالآمال والنجاحات والخيرات، وإلا تعرضت لخسائر قد تدفعك للبدء من الصفر. واعلم أن المغامرة مطلوبة، ولكن بحذر؛ فذلك يمكنك مما تملك من إمكانيات وقدرات مادية، وفنية، وشخصية، قبل دخول ذلك المعترك.