الاهتمام بصناعة العلامة التجارية من أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح طرحها كفرنشايز، كما أن غياب التشريعات المنظمة لهذا القطاع من أهم المعوقات أمامه حاليًا بالمملكة؛ وذلك طبقًا لتشخيص فاضل النصار ؛ المدير التنفيذي لـ “Middle east franchising”والذي أكد في حواره أهمية إنشاء حاضنة لمساعدة المنتج المحلي في التوسع بنظام الفرنشايز، والوصول للتنافسية المحلية والعالمية في هذا القطاع.
فاضل النصار في سطور؟
مستشار في الامتياز التجاري، ومجال تطوير الأعمال، والمدير التنفيذي لشركة عمرها 10سنوات، تم تأسيسها في بريطانيا -بحكم مقر إقامتي السابقة هناك- ثم فتحت مقرًا لها في الكويت، ثم السعودية ثم المغرب.
التطوير والتحوير
حدثنا عن مشروعك والهدف منه؟
“”middle east franchising شركة متخصصة في قطاع الامتياز التجاري، هدفها تقديم حلول تخص هذا المجال، سواء لشركات من خارج الشرق الأوسط وتريد الدخول إليه، أو لشركات محلية تسعى لمنح فرنشايز. وفي الحالة الأولى، نقوم بإعداد دراسات حول ربحية السوق، كما نبحث لها عن شركاء مناسبين، ونساعدها في عمل التحوير فيما يخصها من نموذج عمل؛ إذ قد لا يكون لمنتجاتها رواج جيد، فتتطلب تحويرًا نقوم به ، علاوة على عمل مسح سوقي وتحديد حجم المنافسين.
أما الحالة الثانية وهي الشركات المحلية، فنساعدها في تطوير نظام عملها، ليلائم نظام الفرنشايز، فمثلًا هناك علامات تجارية تتمتع بالقدرة على التوسع بنظام الفرنشايز، وذات سمعة طيبة، لكن ينقصها إعادة الهيكلة من شركة تمتلك فروعًا، إلى شركة تمنح الفرنشايز، وفي هذه الحالة نقدم لها حلولًا متكاملة من تدريب وغيره.
دراسات لحماية الممنوح
تقومون بتدريب رواد الأعمال على دخول سوق الفرنشايز، فإلى أي مدى يؤثر ذلك في اختيار مشاريع نوعية لسوق العمل السعودي؟
لاحظنا أشياءً كثيرة في السنوات الأخيرة تخص توقيع عقود الفرنشايز؛ إذ تلقيت اتصالات عديدة تبين إخفاق أصحابها لعدم دراستهم تلك الخطوة جيدًا؛ ما كلفهم كثيرًا من الجهد والمال، جرَّاء نقص الخبرة في هذا المجال.
ويرجع ذلك إلى أن الفرنشايز كان مقصورًا على رجال الأعمال الكبار؛ أما اليوم فصغار المستثمرين الذين دخلوا السوق، واستحوذوا على فرنشايز من الخارج فتنقصهم الخبرة، وكيفية اختيار ما يناسبهم من مشاريع. وطبيعي أن نقص الخبرة كان وراء سوء تقييم المشروع المعني من حيث النوعية.
كذلك، فيما يخص الرسوم الإدارية الشهرية نظير مشروع الفرنشايز، هناك شركات تحصل على 7%، وأخرى 6%. وهنا يجب أن يتساءل المستثمر عن مدى منطقية تلك الرسوم قياسًا بالمنتج الممنوح، ومدى تأثير ذلك على النظام المالي للشركة، وخصوصًا إذا لم يكن هناك فروع في نفس المنطقة أو البلد الذي سيمارس به هذا الامتياز التجاري.
وهناك من طبَّق نماذج مالية مختلفة لشركات أجنبية؛ لذا نقوم بعمل دراسات لحماية الممنوح ، كما نساعدها في توقيع العقود؛ لأن العلاقة المبنية على أسس صحيحة منذ البداية تكتب لها الاستمرار لمدى طويل، ولا يكون هناك خسارة للطرفين.
يرى البعض أن المؤسسات التمويلية في المملكة ليس لديها خطط أو برامج ميسرة لدعم مشاريع الفرنشايز ، فما تعليقك؟
عدم وجود قانون للامتياز التجاري بالمملكة، يعقد الأمر على كثير من الجهات التي تحاول دعم هذا القطاع مثل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأرامكو، وبنك التسليف، فعدم وجود قانون يحد من كيفية تعامل الجهات الداعمة مع المقبلين على خوض التجربة في هذا القطاع. وبالفعل ترغب تلك الجهات في تقديم الدعم لمثل هذه المشروعات، لكن عدم وجود تشريع يحول دون ذلك ، لكنني أتوقع بعد سن قوانين من قبل وزارة التجارة، وتدشين عمل الجمعية السعودية للفرنشايز قريبًا ستكون الانطلاقة قوية جدًا.
مقومات النجاح
هل هناك مقومات لنجاح مشاريع الفرنشايز، وهل للتقيد بتوجيهات المانح، وتكلفة المشروع الأولية أثر سلبي على مسيرة المشروع؟
هناك مقومات كبيرة لنجاح مشاريع الفرنشايز بالمملكة لرقعتها الجغرافية الكبيرة، والنمو السكاني الكبير الذي تشهده؛ ما يحفز صاحب المنتج من طرحه كفرنشايز بدلاً من عمل فروع يصعب إدارتها. وأرى أن النقص الكبير في قطاع الخدمات أيضًا سيحفز الكثيرين على خوض التجربة في هذا القطاع؛ما يساعد على نمو مشاريع الفرنشايز.
أما فيما يخص توجيهات المانح، فتكون حسب موقعه في البلد، فقد يكون المانح محليًا، فإذا أراد الممنوح مثلًا إضافة فكرة معينة على منتج المانح- وعادة ما يكون المانح المحلي مطلعًا على السوق ومتعايشًا مع الحراك الاقتصادي المحلي- فإذا وافق المانح فتكون موافقته مرهونة بخبرة الممنوح جراء معايشته للحراك الاقتصادي بسوق العمل بصورة يومية.
أما في حالة المانح الأجنبي فالأمر مختلف، فقد يواجه الممنوح صعوبات في مدى تقبُّل المانح رؤيته في تغيير أو إضافة شيء جديد لمشروع الفرنشايز.
لذلك نقول إن لعقلية المانح دورًا كبيرًا في ذلك، فقد واجهنا عدة مشاكل من قبل برفض بعض المانحين في أوروبا وأمريكا تغيير أو إحداث إضافة جديدة بمنتجهم، بالرغم من علمهم أن لكل دولة طابعها، سواء في المأكولات، أو الألبسة، أو غيرها.
إنَّ فهم المانح للسوق المحلي والذائقة المحلية، وقدرته على ثقته في رأي الممنوح يلعب دورًا كبيرًا في نجاح المشروع، والدليل على ذلك عدم نجاح شركات أجنبية كبيرة منحت الفرنشايز في الخليج؛ بسبب عقلية المانح الرافضة لمنطق تغيير أو تطوير المنتج، بعكس شركات أخرى وجدت منتجاتها رواجًا كبيرًا. ومثال على ذلك؛ منحت شركة فرنسية عملاقة في مجال الأطعمة، منتجها كفرنشايز لمستثمر كويتي، فكانت المبيعات ضعيفة رغم معرفة كثير من الكويتيين بهذا المنتج من خلال رحلاتهم لباريس؛ لذا اقترح الممنوح على المانح إضافة بعض الأطباق العربية لتحقيق نسبة مبيعات مربحة، مع الحفاظ على المنتج الأساسي، فوافق المانح.
وأؤكد أن الفرنشايز ليس عملية بيع وشراء فقط، بل عملية شراكة أساسها التناغم بين الطرفين يثريها التحاور والتفاهم للمصلحة العامة.
قوانين لحفظ الملكية
ما تقييمك للحراك المتنامي في هذا القطاع، وهل غياب تشريعات منظِمة حال دون تطوره ؟ وما مدى اهتمام الجهات ذات الصلة بهذا القطاع؟
طرأ على الفرنشايز تطور كبير خاصة في العلامات التجارية المحلية، ولكن غياب القوانين في دول الخليج والمملكة يحد من نجاح هذه الشركات مستقبلًا، فمثلًا لو اجتهدت بصفة شخصية في وضع قوانين داعمة لعقود الفرنشايز فإنها لا تضمن حفظ الحقوق. وقد شهدنا نجاح علامات تجارية ولكن بسبب ضعف الوعي وغياب التشريعات، وضعت أنظمة للامتياز التجاري بطريقتها الخاصة، لكن في النهاية يصبح هذا الحراك رهن الربح والخسارة.
وليس لكل دول العالم قوانين للفرنشايز، لكن لديها قوانين قوية لحفظ الملكية الفكرية، تؤطر ثقافة الناس بالامتياز التجاري، إضافة لما تبذله جمعيات الامتياز التجاري في نشر ثقافة هذا النوع من الاستثمار بأنشطة خاصة منذ عشرات السنين، لتخريج أجيال لديهم معرفة نوعية بهذا القطاع.
أما في حال عدم وجود بنية تحتية لهذا القطاع من جمعيات وخبراء بالمجال ودراسات، تؤدي لعدم وجود مرجعية للمهتمين بخوض التجربة في هذا القطاع، فقد يضطر الشخص لاتخاذ قرار عشوائي يضر بمسيرة مشروعه.
ومن ناحية النمو، هناك نمو كبير حصلت عليه العلامات الأجنبية، ويجب أن نميز بين النمو في قطاع الأغذية والأزياء، والنمو في قطاع الفرنشايز الذي يخص هذه الأنشطة.
هل ترى أهمية وجود حاضنة فرنشايز بالمملكة؟
أعتقد أن إنشاء حاضنة فرنشايز بالمملكة سيكون له دور فعال في جمع القدرات والطاقات والخبرات في مكان واحد، فهناك شركات ترغب في التحول للفرنشايز، ولكن تواجهها عوائق مثل الخبرات، والتمويل، وتطوير المنتج.
إنَّ تأسيس حاضنة فرنشايز بالمملكة يساعد على التوسع في نظام الامتياز التجاري، ويطمئن صاحب المنتج أنه في أيدٍ أمينة بأن الطاقات التي تقدم له الخدمة منتقاة حسب معايير معينة، وأيضًا ما يقدم له من دعم مادي ومعنوي كفيل بأن ينقله نقلة نوعية نحو التنافسية المحلية والعالمية في هذا القطاع.
تحديات وحلول
ماذا عن التحديات التي تواجه مسيرة الفرنشايز بالمملكة ؟ وكيف ترى الحلول؟
أهم التحديات هو عدم وجود قوانين وتشريعات لحفظ حقوق جميع الأطراف، علاوة على ضعف نشر الوعي و قلة الثقافة في هذا المجال، فلاشك في أن نشر الوعي و الثقافة يرفع حس الفهم والمسؤولية عند المانح والممنوح، وسيكون هناك تطور ملحوظ في مجال الامتياز، فالكثير من المشاكل لا تكمن دائمًا في المانح أو الممنوح، ولكن في قلة الوعي والثقافة ؛ ما قد يدفع أحد الطرفين لارتكاب أخطاء جسيمة. لذلك فإن نشر الثقافة و الوعي هو بمثابة المثل المشهور “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.
ولاشك في أن الخبرة المحلية- وليست المستوردة – من التحديات الكبيرة التي تواجه المملكة، فالمؤسسات الحكومية مثلًا تنقصها كوادر تمتلك خبرة في هذا المجال محليًا، فتضطر لاستيراد خبرات من الخارج، وهو توجه قد يسيء أكثر مما يضيف للقطاع؛ لأن الفرنشايز يأخذ عادة من صبغة البلد محليًا، فمن المستحيل أخذ النموذج الخارجي و تطبيقه بحذافيره في المملكة. ويُعد النموذج الأمريكي من أفضل النماذج العالمية في الفرنشايز، ولا يعني هذا نسخ النموذج الأمريكي في المملكة؛ لأنه قد لا يصلح.
طرح المنتج السعودي كفرنشايز
ما توصياتك لتقوية المنتج السعودي وطرحه كفرنشايز؟
يجب على الشركات التي تريد تطوير نظامها، إلى نظام الفرنشايز، أن تهتم بالهوية، فكثير من الشركات للأسف تسيء تقدير صرفها في الاستثمار في هذا الجانب، فنجد مثلًا شخصًا يصرف على تأسيس مطعم مليون ريال، وعندما تخبره بأن صناعة هوية المطعم ستكلفه عشرين ألف ريال، لا يلقي لك بالًا، لجهله أن بناء هوية قوية ذات أبعاد فنية مبدعة ومدهشة هي المنصة الحقيقية لتسويق منتجه؛ فليس هناك من يعلم بجودة المنتج غير صاحبه فقط؛ لذا هناك مهمة أخرى أكثر حساسية في تسويقه، وهو كيفية صناعة علامة تجارية بحرفية عالية؛ لذا أوصي أصحاب كل المنتجات بالعناية الشديدة بصناعة الهوية.
حوار: محمد فتحي