تمثل صناعة التأمين ركيزة أساسية للمجتمع السعودي، كنظام اجتماعي يحمي الأفراد والمؤسسات من الأضرار والخسائر المترتبة على المخاطر التي قد تصيبهم، عن طريق نقل تأثير تلك الأخطار إلى شركة التأمين.
ويقوم نظام التأمين أساسًا على مبادئ التعاون والتكافل والتضامن بين الأفراد المشتركين في النظام، فيحقق بذلك نفعًا هائلًا لا يقتصر على المشتركين فيه فقط، بل ويمتد إلى المجتمع كله.
ويهتم التأمين على الحياة، بتغطية الأخطار التي تلحق بالفرد؛ مثل الوفاة، والعجز الكلي المستديم، والتقاعد والتي يترتب عليها فقد الدخل الناتج عن العمل بصورة كلية ودائمة؛ وهو ما زاد من أهمية التأمين على الحياة كنتيجة حتمية لزيادة الأهمية النسبية لعنصر العمل كمصدر أساسي.
ومن الناحية الاقتصادية، يعمل التأمين على زيادة الإنتاج ورفع كفاءته؛ لأنه يبعث الطمأنينة في نفس العامل أو الموظف فتزيد مقدرته على الإنتاج؛ لأن الشعور بالقلق يضعف من قدرة إنتاج الفرد فيتأثر الاقتصاد القومي، كما يسهم في تكوين رؤوس أموال ضخمة، تستثمر في مشروعات قومية واستثمارية كبرى، وتسهم في النهوض بالاقتصاديات الوطنية.
وقد التفت ولاة الأمر في المملكة، منذ سنوات إلى هذا القطاع الحيوي، فتم إصدار نظام التأمين في أغسطس 2003، لتنظيم قطاع التأمين، في ظل وجود قوانين صارمة، وإسناد نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني إلى مؤسسة النقد العربي؛ لتقوم بمهام الإشراف والرقابة ،وتحفظ حقوق طرفي التأمين ، ولاسيما المؤمن عليهم ، وتشجع المنافسة العادلة والفعالة، وتوفر خدمات تأمينية أفضل بأسعار وتغطية منافسة، وتوطد استقرار سوق التأمين، وتطور قطاع التأمين ، بما في ذلك التدريب وسعودة الوظائف.
ساعد كل هذا على ازدهار صناعة التأمين ، ودخول عدد من كبريات الشركات العالمية السوق السعودي، وظهور شركات سعودية نجحت في المنافسة بقوة، ما دعم بيئة الاستثمار، وشجع المستثمرين على تأسيس مشروعاتهم ، وجذب رؤوس الأموال للاستثمار في المملكة، وهم بمأمن على أنفسهم وأموالهم؛ لوجود نظام قوي وتغطية تأمينية قوية تحميهم.
وقد أصبح قطاع التأمين في المملكة من أهم العوامل الداعمة والمحفزة للنهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال تشجيع المواطنين على الادخار طويل المدى، وما وفره للعملاء من آليات تحويل المخاطر، وتغطية عدة أنواع من المخاطر؛ أهمها التأمين على المركبات، والتأمين الطبي، والتأمين ضد الحريق، والتأمين البحري، والتأمين الهندسي، والتأمين الجوي وغيرها.
ولمعرفة الأثر الذي أحدثه قانون التأمين في السوق، فقد وصلت أقساط التأمين في السوق السعودي إلى 49,36 مليار ريال عام 2015، بعد أن كانت 2,3 مليار ريال فقط عام 2003م، حسب تقرير سوق التأمين الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي.
ولأهمية صناعة التامين، ينبغي التركيز على الدور التثقيفي للتأمين وأهميته؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من يتعاملون مع التأمين يلجأون إليه ؛ إما للتأمين الإجباري على الموظفين، أو التأمين الإجباري على السيارات والذي تشترطه إدارة المرور. لماذا لا يتم إدراج التأمين كصناعة في المناهج التعليمية؛ ليصبح ثقافة عامة عند الجميع؟ ولماذا لا يحظى التأمين بتخريج كوادر متخصصة بدلًا من الاعتماد على الأجانب في هذا الإطار؟ ينبغي أن يتم الاتجاه بقوة إلى تطبيق ما نصت عليه رؤية 2030 لتنمية هذا القطاع الحيوي.
إن التوقعات بنمو هذا القطاع لا تتوقف عند حد، ولاسيما مع ما تشهده المملكة من تحولات كبرى، خاصة بعد صدور رؤية المملكة 2030، وما تشهده من توجه لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتشجيع نمو الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ، والتي يُعدُّ قطاع التأمين أحد ركائزها ، وضمانة قوية لنموها واستقرارها.