حاورها : حسين الناظر
“زخرف” اسم بدأ يعرف طريقه لدى المرأة السعودية، كعنوان للرقة والجمال المطرز بحضارة أمة كان الفن ولا يزال لها عنوانًا ، يسير بخطى واثقة نحو المزيد من التألق، وتوقعات بأن يصبح علامة تجارية مهمة في سلسلة العلامات الكبيرة في عالم المجوهرات، استطاعت صاحبته أن تنمي موهبتها وحبها للمشغولات اليدوية لمهنة ومشروع تجاري؛ قوامه الأساسي أناملها الذهبية وحسها الفني ورغبتها العارمة في ارتياد عوالم جديدة.. شارتها الذوق والدقة والإبداع ،وشعارها كما استلهمته: ” تحويل الأفكار إلى قطعة فنية”
تعالوا نتعرف على تجربة سامية العبدالرحمن؛ مؤسسة “زخرف للمجوهرات”..
البداية
كيف كانت بدايتكم مع عالم الأعمال؟
بدأت منذ الصغر؛ إذ زرع والديّ في نفسي الشغف بالأعمال الفنية واليدوية، وكانت انطلاقتي بعد حضور عدة دورات وورش عمل، أكسبتني خبرات ومهارات متنوعة. والأهم هو مقابلتي وتعرفي على قصص نجاح لرائدات مميزات حققن نجاحات جيدة؛ لذا بدأت فكرة دخول عالم الأعمال تراودني؛ فقررت إطلاق مشروعي الخاص بتشجيع من العائلة وصديقاتي.
ما العلاقة بين دراستك وريادة الأعمال؟
دراستي للغة الإنجليزية وإتقاني لها ساعدني كثيرًا في كسب الوقت، والاطلاع على ثقافات مختلفة من خلال القراءة، وفهم المفردات المتعلقة بمجال عملي؛ وهو تصميم المجوهرات، وتخطي حاجز اللغة للتواصل مع المصممين والمختصين في هذه الصناعة، كما ساعدتني خبرتي العملية في التخطيط لدخول عالم التصميم.
كيف جاءت فكرة “زخرف للمجوهرات” ؟ وهل تعكس ميولًا لديكِ ؟
بدأ الموضوع بهواية، فأنا أهوى المشغولات اليدوية، وأجد المتعة في صنع أشياء بسيطة وجميلة ومبهرة. وقد استهواني تصميم المجوهرات بأشكالها وتصاميمها؛ فبدأت أتعمق في القراءة والبحث عن كل ما هو جديد في هذا العالم. وقد دفعني هذا الحب إلى تصميم أول قطعة في عام 2011 فلما أثارت إعجاب الأهل والصديقات، قررت إطلاق مشروع تجاري باسم ” زخرف”؛ وذلك بعد عملية بحث طويلة في مصادر مختلفة حتى وجدتها في القرآن الكريم.
تصميم المجوهرات
نود أخذ فكرة عن فن تصميم المجوهرات
تصميم المجوهرات مهنة رائعة تكشف عن إحساس مرهف بالفن والجمال، وهو فن قديم، ظهر مع تحضر الإنسان، والعناية بالمرأة وزينتها. وقد عرفت الحضارات القديمة تصميم المجوهرات، يشهد عليها آلاف القطع الأثرية التي تبرز عبقرية الفنان القديم، وبالأخص الحضارة المصرية ، وما اكتشف بمقبرة توت عنخ آمون من مشغولات ذهبية نفيسة، ثم تطور هذا الفن عبر التاريخ ، وصارت له مدارس فنية مرتبطة بمدارس الفن التشكيلي المختلفة .
وما هي أنواع التصاميم؟
تعتمد التصاميم دائمًا على نوع المعدن, فتصميم المجوهرات البلاتينية تختلف عن تصميم المجوهرات الفضية، ويختلف عن تصميم المجوهرات الذهبية بنوعيها الأصفر والأبيض، فهناك مزاج لكل معدن من حيث التصميم؛ فالبلاتين باهظ الثمن مقارنة بالفضة؛ ولذلك يستخدم في المجوهرات الماسية بشكل عام، وتصاميم الأحجار الكريمة النادرة، ولكن لا يستخدم كنوع من الذوق في تصميم الأحجار الرخيصة؛ كونها لا تتوافق مع المنطق في التصميم.
وهل مصمم المجوهرات يختلف عن غيره من المصممين؟ ولماذا؟
بالطبع يختلف كثيرًا؛ فتصميم المجوهرات من أصعب أنواع التصاميم، وهو مثل أي تخصص آخر، كتصميم الديكور وتصميم الأزياء، يجب أن يكون المصمم فيه على علم ودراية بأسرار الرسم والتنسيق والنظرة الفنية، إلى جانب الإلمام بعلوم وهندسة المواد والتي تتضمن معرفة الفيزياء التطبيقية والكيمياء. والهدف هو فهم المواد بعمق وفهم خصائصها؛ حتى يمكن التعامل مع المعدن بمهارة في التقطيع والتشكيل، فلكل معدن خصائص تختلف عن غيره ، فالذهب يختلف عن الفضة ،بل يختلف الذهب الأصفر عن الذهب الأبيض؛ ما يساعد المصمم في عمل تصاميم جديدة ومبتكرة تتميز من حيث المتانة والجمال والتناسق الشكلي؛ وتمنحك اختلافًا وتميزًا ما بين المعدن والقيمة المادية لقطعة المجوهرات.
الأحجار الكريمة والمعادن
وماذا عن تصميم الأحجار الكريمة؟
تختلف الأحجار الكريمة بالطبع عن المعادن؛ إذ تحتاج أن يكون المصمم ملمًا بألوان الأحجار الكريمة الطبيعية المستخدمه في القطعة؛ مثل الألماس والياقوت والزمرد والزفير واللؤلؤ وغيرها، وأن يكون عالمًا بالأطياف الضوئية، وخصائصها عند مرور الضوء الأبيض من خلالها، بحيث تتناسق الرسومات مع الواقع فلا تتضارب التصاميم مع الموديل المراد إنتاجه.
ويجب أن يكون المصمم كذلك على علم بمزج الألوان، بحيث يستطيع استخلاص اللون المطلوب من مزج لونين أو أكثر؛ بمعنى آخر يجب أن يكون مصممًا عالمًا بالأمور الجيولوجية والفنية بأنواعها ،وله خلفية تاريخية ويجب أن يكون ذا ذوق رفيع.
ما هي المراحل التي تمر بها عملية تصميم المجوهرات؟
يمر التصميم بعدة مراحل: أولها الإلهام ويأتي من شئ أو مكان معين يوحي للمصمم بالفكرة، ثم تبدأ مرحلة الإبداع برسم فكرة التصميم على الورق بكل التفاصيل وتلوينها بشكل محترف، بحيث تعطي الانطباع عن القطعة؛ كيف سيكون شكلها بعد التنفيذ؛ فنوفر بذلك تنوعًا في الأفكار ونحصل على الرضا النهائي قبل التنفيذ. بعدها، تُعطى التصاميم لحرفيين موهوبين لتحويلها إلى قطع فنية رائعة .
وأثناء التصميم لابد من مراعاة و دراسة الشخصية التي ستلبس هذه القطعة ، للتعرف على ذوقها وما يتماشى معها ، فلكل شخصية ما يميزها ، وهل اقتنعت به كمصممة وكزبونة أم لا ، حتى لا نبذل الوقت والجهد والمال لشغل وتصميم الذهب والأحجار، ثم لايعجبها.
اللابيز والفيروز
من أين تحصلين على الأحجار الكريمة؟
الأحجار الكريمة هي مواد طبيعية استخدمها الإنسان منذ آلاف السنين في الحلي والمجوهرات وأغراض الزينة، وكانت رمزًا للسمو والسيادة؛ لذلك اقتصر استخدامها على الملوك والنبلاء.
وكان لجمالها المكنون وألوانها الجذابة سحر على الناس؛ فتجعل مرتديها محط الأنظار والإعجاب؛ لذلك أحرص وبشدة للحصول على الأحجار الكريمة من مصادر موثوقة ومن عدة دول؛ فعلى سبيل المثال تشتهر أفغاتستان بحجر اللابيز، فيما تشتهر إيران بحجر الفيروز.
وأي الاحجار تفضلين ؟ ولماذا؟
أعشق “اللؤلؤ”؛ لأنه رمز الأناقة والبساطة والأنوثة معًا؛ إذ يضفي لمسات راقية على إطلالة المرأة بالجمال، وهو معدن غالي الثمن؛ ويتمتع بالعديد من الألوان؛ مثل الأحمر و الأبيض والكريمي والفضي والذهبي والأسود والأصفر والأخضر والأزرق.
كذلك، “الكوارتز الوردي” من أحجاري المفضلة، وهو حجر قديم جدًا وجد في مدغشقر.وهو من أكثر الأحجار التي استخدمت منذ القدم في صناعة الحلي والمجوهرات، واعتُبر عبر التاريخ رمزًا للحب والجمال؛ إذ يُعرف باسم “حجر الحب” ويعتقد بأنه يساعد على الشعور بالهدوء والاسترخاء والأمل والتفاؤل.
الزخرفة الإسلامية
تتميز تصميماتك بالخطوط والزخرفة الإسلامية، فما السبب؟أعشق الفن الإسلامي، فمن مزاياه صناعة الجمال، ووسيلة صنع هذا الجمال هي ” فن الزخرفة”، ذلك الفن الذي عرفه الإنسان منذ القدم، و”مرآة للحضارات”، ورمز للأصالة، ويدل على الحس المرهف والذوق الأصيل.
حبي للزخارف الإسلامية جعلني أترجمها إلى قطع فنية تتزين بها كل امرأة متذوقة للفن والجمال، قطع تجمع بين الحداثة والعراقة والثقافة الإسلامية، قطع خالدة تناسب جميع الأعمار والأوقات والمناسبات،وتناسب كل امرأة شرقية أو غربية.
ميزات تنافسية
وما المزايا التنافسية التي تقدمونها؟
نسعى دائمًا للجودة في التصنيع، والتميز في التصاميم، وبأسعار مناسبة.
ما النجاح الذي تحقق حتى الآن؟
نجاحي في استمراري ووجودي في عالم تصميم المجوهرات منذ عام 2012م بفضل الله تعالى، كما أصبح لي نقطة بيع دائمة في بوتيك Glory D’Arabia بمدينة الخبر، بالإضافة إلى حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي: إنستجرام وتويتر وسناب شات.
تحديات
ما التحديات التي واجهتك في تنفيذ المشروع؟
واجهت عدة تحديات؛ مثل ضعف تقدير المجتمع للمنتج المحلي، وعدم وعي العميل بالخصائص الفيزيائية للمعادن والأحجار الكريمة وطرق العناية والمحافظة على المجوهرات، وقلة الأيدي العاملة، وعدم توفر ورش عمل مناسبة لتنفيذ التصاميم؛ ما اضطرني للسفر إلى عدة دول للبحث عن المكان المناسب للتصنيع. وكذلك،عدم وجود معاهد خاصة لتعليم تصميم وصنع المجوهرات، وارتفاع أسعار المواد الخام ، وارتفاع أسعار تصنيع المجوهرات، وافتقاد الدعم الحكومي لتبني المواهب وتدريبها والانطلاق بها إلى العالمية.
قدوة
من مثلكم الأعلى في عالم الأعمال؟
والدي حفظه الله ورعاه ، وشخصيات مشهورة عالميًا؛ مثل كارتييه Cartier ، وهاري وينستون Harry Winston ، وبياجيه Piaget ، ولوران غراف Lauren Graff وغيرهم. وكلهم أصحاب مدارس وبيوت عالمية، بل لكلٍ منهم علامة تجارية لا تُقدَّر بمال .
ومن تعجبك من المصصمات العرب؟
قصة النجاح والإبداع لمصممة المجوهرات العالمية عزة فهمي.
المرأة وريادة الأعمال
كيف ترين حركة ريادة الأعمال في المملكة؟
لوحظ في الآونة الأخيرة، اتجاه عدد كبير من الشباب إلى إنشاء مشاريع تجارية متنوعة؛ وهو ما يبدو واضحًا من خلال المعارض؛ ما يدل على زيادة الوعي وتقدم حركة ريادة الأعمال في المملكة.
وما تقييمك لمشاركة المرأة في ريادة الأعمال؟
مازالت مشاركة المرأة محدودة ومتواضعة ولا تتناسب مع مكانة المرأة السعودية، لكن أرى في الوقت الراهن تحسنًا كبيرًا ، وإقبالًا ملحوظ من المرأة السعودية على دخول عالم ريادة الأعمال بإنشاء مشاريع تجارية متنوعة.
أنت من رائدات الأعمال القلائل اللاتي طرقن مجالًا صعبًا؛ فلماذا تحجم المرأة عادةً عن اقتحام صناعات غير تقليدية ؟
بسبب صعوبة القوانين المنظمة للنشاطات الصناعية، التي نأمل من وزارة التجارة والصناعة إعادة النظر فيها؛ حتى تتمكن المرأة من إنشاء مشاريع صناعية كبيرة. فعلى سبيل المثال هناك اشتراطات معينة لعمل مصنع مجوهرات من حيث المساحة والموقع ، علاوة على مواصفات هندسية وتقنية صعبة؛ ماجعل كثير من المستثمرين يصرفون النظر عن مثل هذا المشروع.
لذلك ينبغي زيادة الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية ريادة الأعمال، ودورها في رفع المستوى الاقتصادي للمملكة؛ بإعداد برامج تدريبية وتوعوية، وإدراج مواد علمية في مناهج الطلاب.
دعم حكومي
وكيف ترين الدعم الحكومي المقدم لريادة الأعمال بالمملكة ؟
الحكومة قدمت الكثير لدعم ريادة الأعمال، لكن نأمل تقديم المزيد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتبني المشاريع المتميزة .
ما الذي ينقصنا لدفع العمل للأمام أكثر؟
توفير تسهيلات أكثر للمرأة، وتبسيط الإجراءات المنظمة للعمل، وإعادة النظر في اشتراطات إنشاء أي مشروع تجاري أو صناعي. وأشعر بتفاؤل تجاه تأسيس هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ لأنها ستدفع العمل للأمام كثيرًا إن شاء الله.
ماركة عالمية
ماذا عن طموحاتك؟
أطمح أن يكون لدي نقاط بيع في كل مناطق المملكة ودول الخليج؛ حتى تصبح “zukhruf jewelery”، ماركة مجوهرات سعودية تصل للعالمية بعون الله، وأن يكون لدي ورشة عمل خاصة يعمل بها الموهوبون والمحترفون في فن تصميم المجوهرات.