لريادة الأعمال وظيفة هامة في التنمية الاقتصادية في المملكة، وهي ما نصت عليه رؤية 2030 ؛ حيث تحتل المملكة المرتبة الرابعة عربيًا والمركز 36 عالميًا في مؤشر ريادة الأعمال. ويرجع الاهتمام بريادة الأعمال، ليس فقط إلى انعكاسها علي مؤشرات الاقتصاد، بل أيضًا لكونها تشكل جزءًا هامًا في مرحلة اقتصاد ما بعد النفط.
ولأن رواد الأعمال مساهمون بالفعل في تنمية وتطوير اقتصاديات بلدانهم وحل مشكلاتها المجتمعية، فينبغي توفير بيئة أعمال تحتضنهم؛ ليظهر تأثيرهم علي المجتمع؛ وهو ما جعل المملكة تقوم بجهود ومبادرات لتطوير ريادة الأعمال، منها:-
حاضنات الأعمال – جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية
تقوم جامعة الملك عبدالله بجهود كبيرة في دعم ريادة الأعمال في المملكة؛ حيث أطلقت برنامج بادر لحاضنات التقنية في عام 2007 لتفعيل وتطوير حاضنات الأعمال التقنية لتسريع ونمو الأعمال التقنية الناشئة في المملكة، وهو تحول نوعي ليس لدعم ريادة الأعمال فقط، بل لدعم التكنولوجيا بمشاركة مجتمعية وحكومية .
وفي هذا الصدد، حصلت الجامعة على جائزة “الحاضنات عالية التأثير” في عام 2015 من (UBI Global) الراعية لأنشطة الشركات الناشئة في المملكة, كما تم إدراج عدد من الشركات الناشئة في جامعة الملك عبدالله ضمن قائمة أفضل ١٠٠ شركة ناشئة مبتكرة، تصدَّر منها ثلاث شركات المراتب العشر الأولى، حسب مجلة فوربس الشرق الأوسط عام ٢٠١٥.
وادي مكة للتقنية – جامعة أم القرى
وادي مكة هو منصة الشركات الناشئة بمبادرة من جامعة أم القرى؛ لدعم ريادة الأعمال التكنولوجية لخدمة المجتمع السعودي وتحويل الأفكار إلى مشروعات؛ حيث يُعد مصنع الحساسات -أحد تطبيقات وادي مكة- خير شاهد علي عملية التحول في الابتكار وريادة الأعمال وصولًا إلى الاقتصاد المعرفي في مرحلة ما بعد النفط.
ويعمل وادي مكة من خلال محددات من الابتكار والبحث العلمي عبر ثلاثة برامج رئيسة:
- مركز الابتكار: ويهدف إلى تحويل الأفكار الابتكارية إلى منتجات ذات جدوى اقتصادية من خلال توفير الموارد والخبرات التقنية والمساحات المكتبية.
- مسرعة الأعمال: ويهدف إلى تحويل المنتجات الابتكارية إلى شركات ناشئة من خلال تقديم الخدمات الاستشارية والتدريب والإرشاد، بالإضافة إلى التمويل والمساحات المكتبية والوصول إلى السوق.
- رأس المال الجريء: ويهدف إلى الاستثمار في الشركات الناشئة لتحقيق النمو والاستدامة من خلال ربطها بشبكات المستثمرين الأفراد ورأس المال الجريء.
ومن أهم العملاء وادي مكة: وزارة الحج والعمرة، ورئاسة الحرمين الشريفين؛ حيث حقق وادي مكة نجاحات كبيرة ويُعد نموذجًا عربيًا، بل وعالميًا ناجحًا على غرار وادي السليكون في الولايات المتحدة الأمريكية .
مؤسسة مسك الخيرية
في إطار رؤية المملكة للتعليم ، والهادفة إلى أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل (200) جامعة دولية بحلول عام (1452هـ – 2030م)، تأتي مبادرات مؤسسة “مسك” كنقطة تحول للربط بين الاقتصاد والتعليم في المملكة .
و في هذا الإطار -وتحت رعاية صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد- جاء برنامج ”إعداد القادة” متميزًا علميًّا على المستوى العالمي؛ إذ يقوم على أساس تهيئة الطلبة وتعريفهم بالحياة الجامعية بجامعة هارفارد أحد اعرق الجامعات في العالم؛ وبالتالي فإن الاستثمار في التعليم للشباب في هذه السن الصغيرة ينعكس علي فكر الشاب في تغيير الصورة النمطية في التوظيف وسوق العمل، والتحول من التوظيف إلى التقليدي إلى الابتكار وريادة الأعمال في المملكة.
الرخصة الدولية لريادة الأعمال
(ILFEN) و هي شهادة ترخيص جديدة تعطى لرواد الأعمال، تصدرها الجمعية الدولية لرواد الأعمال (Entrepreneurship Association) ؛ حيث تم تدشينها عبر المؤتمر الدولي الأول في 25 أكتوبر 2009 بالمملكة.
وهي رخصة دولية ، تُعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، و هي عبارة عن مجموعة من المهارات و المعارف اللازمة لتاسيس مشروع تجاري ناجح .
مركز الملك سلمان للشباب
يهدف مركز الملك سلمان للشباب إلى الارتقاء بمنشآت الشباب بتشجيع مبادراتهم الإبداعية، والإسهام في دعم مبادراتهم في بداياتها، وبما يسهم في إطلاقها ونجاحها، كما تشمل ترسيخ روح المبادرة ورفع مستوى الوعي بثقافة العمل الحر لدى الشباب، والريادة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي في، ويحاول من خلال الندوات واللقاءات التواصل مع الشباب، وكذلك من خلال قسم النشر لتحفيز الشباب على نشر إبداعاتهم، مع إصدار المجلة الشبابية التي تعنى برواد الأعمال من حيث تنمية قدراتهم وخبراتهم، وتزويدهم بالجديد في التكنولوجيا والمعرفة والأزياء والفنادق وخطوط الطيران وجميع ما يخدمهم.
ومن بين الجهود المبذولة عام 2011م، تم إطلاق أول حاضنة للأعمال النسائية ضمن مبادرة مشتركة بين صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة وشركة أرامكو ويوفر به أكثر من 60 حاضنة أعمال في مكان واحد مهيأ لتوفير كل وسائل النجاح للمشاريع النسائية .
الخلاصة أن المملكة العربية السعودية تبذل جهود كبيرة لتنمية الاقتصادية والتي تُعد ريادة الأعمال أحد أهم أدواتها. ولا تزال المملكة في حاجة إلى بذل مزيد من الجهد لربط التعليم بسوق العمل لتخريج رواد أعمال قادر على تغير مسار اقتصاد المستقبل في المملكة .
محمد محمود عبد الرحيم
باحث ومحاضر اقتصادي