في الوقت الذي يتفرغ فيه بعض رجال الأعمال لجني الأرباح، وتحقيق مزيد من الشهرة والنجاح الذاتي فحسب، يُبادر آخرون من منطلق مسؤوليتهم تجاه مجتمعهم؛ فيتحلون بروح العطاء والتفاني في خدمة أبناء الوطن، وهؤلاء وحدهم من يتركون بصمة لا تُنسى في عالم الأعمال، كما يذكرهم التاريخ دائمًا بكل خير.
وكمثال مشرف يُحتذى به، خصص حمدي أولوكايا؛ رجل الأعمال التركي الأمريكي، ومؤسس الشركة الأمريكية لمنتجات الألبان خمسة ملايين دولار لدعم وتدريب رواد الأعمال الأتراك من أصحاب المشروعات الناشئة؛ وذلك في إطار المرحلة الأولى للمبادرة التي دشنها، وأطلق عليها اسمه.
وبالفعل، احتضنت مبادرته ستة مشروعات ناشئة من بين 400 مشروع متقدم للمشاركة، و24 رائد أعمال تم اختيارهم من بين 3330 متقدمًا؛ إذ حصل المتدربون على جولة تعليمية في نيويورك لمدة 3 أسابيع، بعد انتهاء مدة تدريبهم في اسطنبول في شركته.
ربما يرجع حب “أولكايا” للعطاء ومساعدة الآخرين، إلى معاناته في بداية رحلته في عالم الأعمال؛ إذ وصل إلى نيويورك وهو لا يتقن الإنجليزية، كما كانت تلك هي المرة الأولى التي يخرج فيها من بلده تركيا، إلا أنه تمكن- بفضل إصراره وعزيمته- من الدخول في قائمة أصحاب المليارات، بعد تأسيس شركته لمنتجات الألبان، والتي تحولت في غضون فترة قصيرة إلى أحد أفضل العلامات التجارية مبيعًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد مر أولكايا بالعديد من الصعاب واجتاز الكثير من المعوقات كسائر رواد الأعمال المبدعين، إلا أن البدايات غالبًا ما تعصف بهم؛ فيحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم ويغرس في نفوسهم قيم الإصرار والعزيمة لمواصلة الطريق.
في رأيي لم ينجح أولكايا مرة واحدة، بل مرتين؛ الأولى حينما اجتهد ليشق طريقه إلى عالم الأعمال، والأخرى حينما آمن برسالته وواجبه كرجل أعمال بدأ من الصفر، وتمكن من تفعيل دوره تجاه المجتمع وترك بصمة في مساعدة الآخرين ممن لا تزال مشروعاتهم طور التنفيذ.
إنها رسالة فحواها الحب، والإيثار، والعطاء لكافة رجال الأعمال من مختلف الجنسيات، ومثل حي لحب الوطن، بخدمة أبنائه الذين هم نواة المستقبل.
وفي ضوء ما يشهده بلدنا الحبيب من طفرة على مختلف الأصعدة؛ لتفعيل برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030؛ تزداد الحاجة لمثل هذه المبادرات من أصحاب الخبرة والمال؛ لمساعدة جيل الشباب الواعد الذي يمتلك من الأفكار الإبداعية والرائدة؛ ما يضمن غدًا مشرقًا ومستقبلًا أفضل.
صيتة بنت عبد الله