شاركت منذ فترة قصيرة في المؤتمر الذي نظمته المؤسسة الأهلية (CMA) للرواد و المديرين وأعضاء مجلس الإدارة حول “المساءلة والامتثال والثقة”، وكيفية نقلها من كونها أسباباً للصداع إلى نجاح الأداء.
بعد مضى 20 عاماً بالمناصب العليا في إدارة الامتثال- بما في ذلك رئيس إدارة الامتثال للمستثمرين الدوليين في بنك باركليز، ورئيس إدارة توافق المنتج في مجموعة شركات (MLC )، وإدارة الشركة الخاصة بي للاستشارات حول الامتثال والمخاطر- شاهدت خلال سنوات الخبرة الطويلة هذه أفضل وأسوأ ما في الأمر، فلقد رأيت مديرين يغضون الطرف عن بعض الانتهاكات الخطيرة جداً للقانون والثقة، ورأيت قادة يهربون من أي شئ كان ينبغي محاسبتهم عليه، ورأيت الكثير من الناس يفقدون مدخراتهم بسبب الخلط بين الامتثال على أساس المخاطرة وبناء الثقة، وهذا هو ما جئت لإدراكه.. فهناك فارق كبير بين الالتزام والثقة.
والسؤال: لماذا يشكل هذا الأمر مشكلة؟ ما الذي يجعله بهذه الدرجة من الصعوبة، أو أنه غير جذاب لمن يريد حقاً أن يخضع للمحاسبة والشفافية والمسئولية؟ لقد قضينا وقتاً ضئيلاً مع مجموعة صغيرة تناقش قضية كثرة أصحاب المصلحة الذين هم عُرضة للمساءلة.
والسؤال الآخر دار حول الشفافية: إلى أي مدى تحقق الشفافية؟ ما مدى كشفك لنفسك أمام العالم؟ جميعها نقاط وأسئلة جيدة حقاً،خاصة وأن معظم القادة والهيئات لا يأخذون الوقت الكافي للتفكير في هذه الأشياء من خلال تقديم التوجيه اللازم للمديرين وفرق العمل.
في نهاية الأمر، تسمع من القادة عبارات مثل “نحن نقدر المساءلة “، ولكن بعد ذلك لا أحد يفعل شيئاً، لأنهم في الواقع لا يعرفون حتى ماذا يعني ذلك. لقد وجدنا من خلال الدراسات التي قمنا بها أن هناك تفاهماً ضمنياً، ووجدنا أيضاً مزايا واضحة في تحمل المسؤولية، مثل الخضوع للمساءلة والسعي وراء العفو، لكنهم جميعاً بحاجة إلى ربطهم معاً فى حزمة واحدة، إذ لا توجد غاية من المساءلة سوى قول “آسف” دون توضيح كيفية وقوع هذه المسألة. والأهم من ذلك، ماذا تفعل لضمان عدم حدوث هذا الخطأ مرة أخرى، خاصة وأن 85٪ من الناس يفضلون التعامل مع المؤسسة التي تعترف بالخطأ، وتتعهد بعدم حدوثه مرة أخرى.
الامتثال موضوع مثير للاهتمام، فحين كنت أضع النظم لكثير من المتطلبات التشريعية في قطاع الخدمات المالية لضمان الامتثال، وجدت أن التشريع جاء بمعظمها نتيجة لانتهاك الثقة، سواء ثقة المستهلكين أو الموظفين أو أصحاب المصلحة، أو المجتمع بشكل عام.
الطبيعي أن معظم الناس يريدون فعل الشئ الصحيح، ولكنهم قد لا يعرفونه، أو لايعرفون كيف يفعلونه، أو ما هي أهميته، لذا يلزم اتباع نهج غير تقليدي للامتثال والمساءلة للقيام بهذه الأمور. ولست أهوّن من أهمية الامتثال، ولكن هناك طرق لمراجعته ووضعه موضع التنفيذ، الأمر الذي يحول اتجاهات التفكير و السلوكيات.
الشيء الذي لا يمكن لأحد تحمله هو فقدان الثقة فيه، لذا على كل من يدير مؤسسة أو هيئة أو غير ذلك أن يتعلم كيف ينال الثقة، خاصة وأنها أصبحت علما وفناً.
الرابط المختصر :