ما العلاقة بين “المعرفة” و”الفهم” و”الحكمة”؟
“المعرفة” هي التعلم بالعلم والرؤية والتطبيق؛ لذلك فإنَّ “التكنولوجيا” التي تنتج عشرات الآلاف من السلع والخدمات التي تشكل “الحضارة” هي معرفة أصيلة. ويرجع عدم تملكنا- كعرب أو دول إسلامية أو دول نامية- للتكنولوجيا إلى عدم سعينا “للمعرفة” والاكتفاء بعلم تقليدي يولده التعليم التقليدي. لم ينصف التاريخ العربي المغامر “عباس بن فرناس” لمحاولة الطيران، وربما أنصفه آخرون ومنحوه “شرف المحاولة”. أما “الفهم” فله تعريفات عديدة منها :
” هو حسن تصور المعنى” أو “استعداد الذهن للاستنباط”. والفهم عملية نفسية وعقلية معقدة تأتي بعد “العلم بالشيء” أو “الاستماع”؛ إذ تحدث عملية استيعاب وإدراك، ثم عمليات سريعة- لم تكن متوفرة – من الاستنباطات أو القرارات التي تمنح الفرد القدرة على التحليل والشرح والتفسير والتبرير.
“والمعرفة” هي الطريق “للفهم” دون شك؛ فكلما زادت “المعارف” بالعلم والمعلومات و”التجربة” بالرؤية والممارسة “والخبرة” بإتقان التجربة والاستفادة من نتائجها، شكَّلتْ المعارف والخبرة والتجربة، “معرفة” فرصتها أكبر للوصول إلى “الفهم” .. “والفهم” ليس مقصورًا على فهم النص أو القصيدة، بل فهم المعنى، سواء كان نصًا، أو شعرًا، أو موقفًا، أو حدثًا، أو صورة، أو رسمًا، أو فكرة، أو لغزًا.
وليس “الفهم” نهاية المطاف لرائد الأعمال أو للإنسان عمومًا، بل يجب أن يكون هو الطريق إلى “الحكمة”، والتي هي “صواب الرأي، وصواب القرار”.
والحكمة في القرآن- كما فسرها ابن عباس رضي الله عنهما- بتعلم الحلال والحرام؛ لذا أقرب مفاهيم “الحكمة” في الحياة: “التفرقة بين الصواب والخطأ”. وقيل أيضًا:” الحكمة ضالة المؤمن”.
وقال “أرسطو”: “الحكمة رأس العلوم والأدب والفن، هي تلقيح “الإفهام” “ونتائج الأذهان”. وقال أفلاطون: “الفضائل الأربع هي: الحكمة والعدالة والشجاعة والاعتدال”، وقال أيضًا: نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون إذا لم نُرِد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ على أن نفكر”.
وقال “هيجل” “أكثر ما أميل إلى مفهومه: الحكمة هي أعلى المراتب التي يمكن أن يتوصل إليها الإنسان، فبعد أن تكتمل “المعرفة” ويصل التاريخ إلى قمته تحصل الحكمة”. والحكيم أعلى شأنًا من الفيلسوف، والحكمة هي المرحلة التالية والأخيرة بعد الفلسفة.
ومن عندي : الفلسفة هي محاولة فهم، ومحاولة الوصول إلى “فكر الفكر”..
وسئل سقراط: لماذا اخترت أحكم حكماء اليونان؟!
فأجاب: لأنني الرجل الوحيد الذي يعترف بأنه لا يعرف.
وهذا الرد الحكيم لسقراط، سنتناوله عند الحديث عن “اقتصاد المعرفة” الذي ظهر بعده بآلاف السنين.
وإذا كان مصدر الحكمة قديمًا عصارة التجارب الحياتية، فإنها في عصرنا الحديث لا ترتبط بسن، فيمكن أن تكون شابًا وحكيمًا في الوقت نفسه؛ لهذا كانت دعوتي إليك: “دعوة للفهم”، وهي دعوة ليست بعيدة عن أن تكون رائد أعمال ناجحًا، بل إنسان ناجح يسعى للكمال.
“لحظة فهم .. للرواد فقط”
“منح المولي عز وجل بلادًا حارة “البترول والغاز”؛ أشهر طاقة في الكون بعد الشمس، ومنح بلادًا باردة الماء والمطر والجليد، فاخترعت بلاد البرد مكيف الهواء الذي تحتاجه بلاد الحر، لكن المكيف لا يعمل بدون طاقة (البترول والغاز)، فكان لابد أن تتعاون بلاد الحر وبلاد البرد”.