دورنا الآن محاولة التفكير في ماهية “المشروعات الصغيرة الاجتماعية Social business، وإلى ماذا تهدف؟، وتكوين “فكر” لها يناسب مفاهيم ومباديء ريادة الأعمال ويحقق أهدافًا اجتماعية ملموسة، وأن يكون فكرًا نابعًا من فهم غير تقليدي لما يمكن أن تقدمه ريادة الأعمال من أهداف اجتماعية، إلى جانب دورها المعتاد في تقديم سلعة أو خدمة مبتكرة جديدة للسوق، تحقق عائدًا وقيمة مضافة.
وحتى يتحقق ذلك سنختار منهجًا للتفكير، أو خريطة للتفكير نسير عليها كالتالي:-
- تحليل جوهر ومفردات وعناصر الأعمال Business والمشروعات الصغيرة SMES.
- تحليل جوهر ومفردات وعناصر ريادة الأعمالSocial Needs & Activities.
- تحليل جوهر ومفردات وعناصر ريادة الأعمال Entrepreneurship.
- استعراض مفاهيم مشتركة ومفاهيم متناقضة، ما بين المفردات والعناصر السابقة للمشروعات للمشروعات الصغيرة، والأعمال والتنمية والأنشطة الاجتماعية وريادة الأعمال.
- الاستعانة بمعارف ومفاهيم اطلعنا عليها سابقًا بجولات “دعوة للفهم” خاصة في قصة التنمية وقصة الاقتصاد.
- التأكد من أن “الأفكار” التي نصل إليها غير تقليدية.
وبتحليل جوهر ومفردات وعناصر الأعمال Business والمشروعات الصغيرة نجد ما يلي:-
- الأعمال: هي الأنشطة المهنية والاقتصادية والتجارية والفنية التي يمارسها الأفراد والجماعات من القطاع الخاص “عادة”، بغرض تحقيق عائد وربح اقتصادي.
- الأعمال: تستثمر عادة موارد وقوة عمل وفنون إدارة وتكنولوجيا ومعرفة وأحيانًا تستثمر فرصة أو فكرة أو ابتكارًا.
- مجال المشروعات الصغيرة “أعمال” ذات مزايا نسبية عن المشروعات الكبيرة.
- المشروعات الصغيرة كجميع الأعمال يمكنها إنتاج سلع أو تقديم خدمات.
- المشروعات الصغيرة تحقق للأفراد التشغيل الذاتي Self Employment، وتخفف من مشكلة البطالة، وتساعد على توليد وزيادة الدخل Income Generation .
- المشروعات متناهية الصغر تساهم في تمكين الفقراء، وتنتج سلعًا وخدمات مناسبة للفقراء.
عناصر التنمية
بتحليل جوهر ومفردات وعناصر التنمية والأنشطة الاجتماعية، نجد ما يلي:-
- الاحتياجات الاجتماعية نوعان: أساسية وتكميلية.
- الاحتياجات الاجتماعية الأساسية: الغذاء والكساء والمأوى.
- الاحتياجات الاجتماعية التكميلية: الصحة /التعليم/ الثقافة/ التدريب/ الترفيه/العمل.
- هناك أنشطة اجتماعية موجهة للمجتمع أو للأسرة، أو للرجل أو للمرأة أو للطفل أو لكبار السن أو لذوى الاحتياجات الخاصة.
عناصر ريادة الأعمال
عند تحليل جوهر ومفردات وعناصر ريادة الأعمال، نجد ما يلي:
- “الريادة” لها عدة عناصر أهمها: شجاعة انتهاز الفرصة / المثابرة / تحويل الفرصة إلى مكسب.
- “الريادة” شجاعة المبادرة بتحويل الفكرة أو الابتكار إلى واقع عملي تجاري له سوق، وعليه طلب، ويحقق عائدًا، ويتوسع وينتشر.
- “الريادة” ليست مجرد تقدم وتميز، بل الأهم المحافظة على هذا التميز.
- “الريادة” تحتاج لمعرفة عميقة لتوليد الابتكار والإبداع والتميز.
من تعرفنا وتفهمنا “لقصة التنمية” و”قصة الصناعة” نسجل ما يلي:-
- نشاط الرعي لم يُلقي الصيد، والصناعة لم تلغِ الزراعة، بل التنمية حلقات متصلة متنامية.
- “التنمية” تحقيق تغيير مخطط نحو الأفضل، واستخدام أمثل للموارد وهي أكثر تحقيقًا للأهداف الاقتصادية والاجتماعية من “النمو”.
- “التنمية المستدامة الشاملة” هي آخر ما تنصح به تجارب البشرية للمستقبل.
- “اقتصاد المعرفة” و”الاقتصاد الأخضر” اقتصادات جديدة ناهضة تحقق أهداف “التنمية المستدامة” بكفاءة، وتحل مشاكل جمود وركود الاقتصاد التقليدي وفشل وإفلاس السياسات المالية والنقدية التقليدية.
- لا تنمية اقتصادية ناجحة بدون اعتبار “للبُّعد الاجتماعي”، ولا تنمية اجتماعية ناجحة إلا اعتبار “للبعُّد الاقتصادي”.
- “التنمية المستدامة” استدعت “التنمية البيئية” لتتكامل مع “التنمية الاقتصادية” و”التنمية الاجتماعية”.
- “التمكين” عنصر وآلية مهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية” (تمكين المرأة / تمكين الطفل/ تمكين الفقراء).
- “التمكين” يتأتى بالتعليم والتدريب لإكساب المهارة Skill، والمهارة تحتاج لأدوات Tool حتى تتحول إلى قدرة Power والمهارة + الأدوات = التمكين Empower.
هناك “شبه إجماع” على ضرورة الاعتماد على “ريادة الأعمال” لتحقيق التنمية والنمو سواء في الاقتصاد والرأسمالي المعتمد على الشركات الكبيرة، أو ذلك الموجه من الدولة من جوهر ومفردات وعناصر التحليل السابق، لكن يمكن “تخمين” أن:-
- “المشروعات الصغيرة الاجتماعية Social business هي تلك المشروعات التي تستهدف تحقيق أهداف اجتماعية بالدرجة الأولى.
- لأن أية “أعمال” Business يجب أن تحقق ربحًا Profit حتى تستمر وتستقر وتنمو، فإن:-
“المشروعات الصغيرة الاجتماعية” هي تلك المشروعات التي تستهدف تحقيق أهداف اجتماعية بالدرجة الأولي، وتحقق عائدًا وأرباحًا بالدرجة الثانية حتى تستمر. ولأن “الأعمال” تستهدف إنتاج سلع أو تقديم خدمات، فإن المشروعات الصغيرة الاجتماعية أيضًا تقدم سلعًا أو خدمات، ولأنها “اجتماعية” فقد تتجه بالأكثر لتقديم “الخدمات” Social Services.
ولأن الأكثر احتياجًا هم الأكثر فقرًا poor & ultra poor، فإن الفئات الأكثر احتياجًا (الفقراء/ الطبقة المتوسطة الدنيا)، هم المستهدفون من المشروعات الصغيرة الاجتماعية.
وكلما كانت المشروعات الصغيرة الاجتماعية مبتكرة وتقدم نوعية Quality مميزة من السلع أو الخدمات، فيمكنها استقطاب شرائح من الطبقة العليا أو الموثرين ( الأغنياء) للاستفادة من منتجاتها.
ولأن الابتكار والتميز Innovation مطلوب لأي أعمال Business فقد ظهر ما يسمي بريادة الأعمال الاجتماعية Social Entrepreneurship ؛ أي تلك التي تستهدف الإبداع والابتكار في تقديم سلع وخدمات للسوق تحقق أهدافًا اجتماعية بالدرجة الأولي قبل الأرباح؛ أي إن الإبداع والابتكار المشهورة به ريادة الأعمال لن يكون هدفه فقط سبقًا تكنولوجيًا أو ابتكارًا يحقق إنتاجية أعلى وعائدًا أكبر بالسوق، بل سيكون هدفه الأول “تحقيق سبق اجتماعي” أو “قيمة مضافة للمجتمعة والأفراد” أولًا.
ومثلما اجتهد الدكتور المبدع محمد يونس وقدم لنا وللعالم مفاهيم وتطبيقات جديدة للتمويل متناهي الصغر وبنك الفقراء والمشروعات الصغيرة الاجتماعية، علينا كرواد أعمال أن نجتهد معه لتبني مشروعات صغيرة اجتماعية لمجتمعاتنا في المدن والأحياء والقرى العربية والإسلامية، تناسب الاحتياجات الاجتماعية الملحة لهذه المجتمعات، وتعمل على تلبيتها باقتصاديات رشيدة وتقنيات مستحدثة بهمة وعزم رواد أعمال اجتماعيين، يمتلكون الحلم؛ لأنهم يمتلكون القدرة، ويمتلكون “القدرة”؛ لأنهم يمتلكون “الرغبة”، وقبلها يمتلكون “المعرفة والفهم والفكر”.