حوار: محمد فتحي
بعد إجراء أول تجربة إقلاع للطائرة “أنتنوف 132” في أوكرانيا قبل أيام، بشراكة صناعية مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية، وشركة أنتنوف العملاقة في صناعة الطائرات، فتحت المملكة بابًا آخر لها في مجال المنافسة العالمية، انطلاقًا من منصة الاقتصاد المعرفي.
ولم تتوقف عند هذا الإنجاز، بل سيتم تصنيع النسخة الثانية من الطائرة بالكامل في الرياض قريبًا بسواعد سعودية.
مجلة “رواد الأعمال” تسلط الضوء على هذا الإنجاز في حوار مع الدكتور خالد الحصان؛ المشرف العام على مكتب إدارة البرامج الخاصة، والمشرف العام على مشروع أنتنوف 132بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
الدكتور خالد الحصان في سطور؟
خالد بن عبدالله الحصان؛ أستاذ بحث في تخصص الهندسة الميكانيكية والفضاء والطيران، خريج جامعة جورج واشنطن، عملت مديرًا للمركز الوطني لتقنية الطيران والدراسات الرقمية، ثم مساعدًا للمشرف على معهد بحوث الفضاء، ثم مشرفًا على معهد بحوث الفضاء والطيران، ثم المشرف العام على مكتب إدارة البرامج الخاصة والمشرف العام على مشروع أنتنوف 132
لي أكثر من 100بحث تم نشرها في مجلات علمية ومؤتمرات، وعدة اختراعات في مجال الفضاء الطيران، ولي كذلك بحوث تطبيقية في مجال الفضاء والطيران؛ منها في مجال الطائرات بدون طيار، كما ساهمت بشكل كبير -من خلال عملي كمشرف لمعهد بحوث الفضاء والطيران- في تصميم وبناء واختبار طائرات بدون طيار.
أستخدم البرامج الحاسوبية في التصنيع والإنتاج، كما أستخدم المواد المركبة الكربونية، والألياف الزجاجية، وتقنية النانو، وبناء المعرفة ومتطلباتها في صناعة الطائرات، والتقنية التصنيعية الحديثة المستجدة في مجال الفضاء والطيران، اعتمادًا على حواسيب عالية الكفاءة، مع القدرة على برمجة البرامج الحاسوبية واللوغاريتمية الهندسية المتخصصة.
وحصلت على أستاذ عام لخمس سنوات متتالية من جامعة جورج واشنطن من عام 1999م حتى 2003م.
الاقتصاد المعرفي
كمشرف عام على مكتب إدارة البرامج الخاصة بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، حدثنا عما تقدمونه لدفع عجلة الاقتصاد المعرفي؟
الاقتصاد المعرفي هو الاقتصاد القائم على المعرفة، والذي يعتمد على اكتساب المعرفة وتوليدها ونشرها واستثمارها بفاعلية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متسارعة، تُسهم في عدة مجالات صناعية؛ أبرزها صناعة الطائرات.
ويعتمد الاقتصاد المعرفي على الاستفادة من تقنية المعلومات والتقنيات الحديثة، وتوظيف الكوادر البشرية المؤهلة، والاستفادة من الكوادر البشرية الوطنية ذات الكفاءة والإنتاجية العالية، والوصول إلى مصادر المعرفة لنقلها وتوطينها ونشرها، والاستفادة من استثمارات المعرفة بفاعلية وربطها بالسوق المحلي لتنمية الاقتصاد لتحقيق تنمية اقتصادية متسارعة، وخلق بيئة اجتماعية محفزة وجاذبة للمواهب.
وتنفيذًا لمبادرات مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وتحقيقًا لرؤية المملكة 2030- والتي تنص على توطين الصناعات وإيجاد أنشطة صناعية وخدمات مساندة لخلق فرص عمل نوعية ، وتوطين التقنيات الأكثر تعقيدًا؛ مثل صناعة الطائرات للإسهام في تحسين مستوى اكتفائنا الذاتي وتعزيز تصدير منتجاتنا التقنية- فإننا نعمل على تحقيق ذلك من خلال استثمارات مباشرة، وشراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في هذا القطاع؛ بهدف نقل المعرفة والتقنية وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير.
سواعد سعودية
بعد أكثر من71 عامًا من امتلاك المملكة طائرة ركاب خاصة، تقلع طائرة أنتنوف بالمملكة قريبًا، لكن هذه المرة بسواعد سعودية، فكيف بدأت الحكاية؟
كما ذكرت، هناك توجه للدولة للصناعات المتقدمة، ومن ضمنها صناعة الطائرات؛ لذا عملت المدينة بكل قوة على طرق هذا الباب، وكان عليها تنفيذ هذه السياسات.
تتضمن صناعة الطائرات عدة مصانع في جميع التخصصات الهندسية؛ مثل الميكانيكية والكهربائية؛ لذا طرحت المدينة فكرة تحالف مع شركة عملاقة في صناعة الطائرات، وهي شركة أنتنوف، فوجدنا المنتج يلبي احتياجات السوق المحلي، ورؤية 2030م، ويضع قدمنا في مجال المنافسة العالمية.
بدأت المدينة في منتصف 2015م في بلورة فكرة صناعة طائرة، ثم عملنا عدة اجتماعات، وكانت الدعوة عامة لجميع الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ طرحنا سؤلًا مفاده: “ماذا نريد من طائرة شحن؟”، وطرحت كل الجهات ذات العلاقة آراءها؛ لنتفق في النهاية على طائرة “أنتنوف 132AN”، فدرسنا جدواها الاقتصادية ، فوجدناها تلبي معظم احتياجات السوق المحلي.
وبعد عدة لقاءات مع شركة أنتنوف- التي أنتجت أكثر من 22 ألف طائرة للسوق العالمي، وتعمل منذ 70 عامًا- اتفقنا على المنتج النهائي للطائرة المعنية، وأخذنا نقاط القوة لدى أنتنوف واستخدمناها، واقترحنا التعاون مع شركات عالمية معروفة في صناعة المحركات والمراوح والأجهزة الإلكترونية.
بعد ذلك، وضعنا دراسة جدوى ثانية بالمواصفات الجديدة، وعرضناها على المستخدمين. وبعد دراسة جدوى عالمية، وجدنا أن المنتج سيكون عليه طلب عالٍ في السوق مستقبلًا ، مع تلبية الاحتياج المحلي .
أول تجربة إقلاع
تم إجراء أول تجربة إقلاع لـ “أنتنوف 132″في أوكرانيا قبل أيام، فما مدى نجاح التجربة، وماذا عن الكمية المنتجة منها؟
تم إجراء أول تجربة إقلاع للطائرة السعودية الأوكرانية “أنتنوف 132-AN” بنجاح، وهي طائرة متعددة المهام ذات وزن خفيف.ويسمَّى هذا النوع بطائرات الشحن الخفيف ؛ حيث تتراوح حمولتها من 2.5 إلى 9 أطنان. وأجريت للطائرة عمليات تحضير في مدرج مطار”أنتنوف ” شمال غرب كييف قبيل إقلاعها التجريبي ، تمثلت في تشغيل المحركات والأنظمة التابعة لها؛ للتأكد من قدرتها على الطيران حتى أقلعت بنجاح. وسيكون هناك خطوات تجريبية أخرى حتى تحلق في سماء المملكة من أربعة إلى ستة أسابيع.
ويبلغ عدد الطائرات المستخدمة من هذه النوعية 1400طائرة، لكنها ستخرج من السوق بسبب انتهاء عمرها الافتراضي أو لزيادة تكلفتها التشغيلية والصناعية.
إننا نعمل على منتج جديد لاستبدال 1000طائرة مستقبلًا، وهناك 3شركات عالمية منافسة لهذا المنتج في السوق؛ لذا عملنا على عقد تحالف مشترك مع شركة أنتنوف وشركات عالمية مثل شركة “هوني ول” للإلكترونيات، وشركة (برات أند ويتني) البريطانية لمراوح الطائرات، علاوة على تحالف صناعي محلي لإنتاج الطائرة؛ حيث سيكون هناك عدة مصانع لإنتاج 300 طائرة خلال 20سنة.
الأبعاد
طول الطائرة……………………………………………………. 24,44 م طول الجناح …………………………………………………….. 29.2 م مساحة الجناح………………………………………………….. 75 م2 مدة الاستخدام سنوات الخدمة………………………………………………..50 سنة
|
الوزن
الوزن الكلي……………………………………….. 28500 كجم وزن الحمولة……………………………………….. 9200 كجم السرعة سرعة التحليق………………………………. 550 كم/ساعة المدى المدى………………………………………… 1270 – 4400 كم أقصى إرتفاع…………………………………….. 30000 قدم |
المواصفات الفنية للطائرة
كم استغرق العمل في صناعة هذه الطائرة؟
عام ونصف
في ظل سعي المملكة لدخول صناعة الطيران، تعمل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية بجهود كبيرة في هذا الجانب ، فما أبرز المشاريع التي تعمل عليها الجهتان؟
“تقنية” شركة حكومية يملكها صندوق الاستثمارات العامة، تعد إحدى شركات تقنية الأم، وستكون مهمتها إنتاج وتسويق منتجات المدينة من الطائرات؛ حيث تعمل شركة تقنية ، على إنتاج الطائرة أنتنوف ، وتشغيلها، وتسويقها، وتطويرها.
وما دور المدينة في صناعة هذه الطائرة؟
المدينة جهة بحثية، عملت على نقل التقنية، وتطوير التقنيات في مشروع طائرة (AN-132)، ومستمرون في في البحث والتطوير.
هل سيكون إنتاج أنتنوف مهمة شركة “تقنية” فقط؟
نعم، فشركة تقنية هي المعنية بالإنتاج والتسويق، بينما تسعى المدينة إلى ربط البحث والتطوير بالإنتاج؛ حيث تملكه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة أنتنوف مناصفة في حقوق الملكية والبيع.
بعد تدشين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في أوكرانيا، ينتظر المواطن السعودي تصنيع النسخة الثانية من الطائرة بالكامل في الرياض، فمتى يتحقق هذا الحلم؟
أنشأت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية، مجمعًا صناعيًا بمطار الملك خالد الدولي بالثمامة، وانتهينا من المجمع الأول لتصنيع الطائرات، ونعمل في تجهيز أكثر من مجمع صناعي وتم تجهيز كل الأجهزة المستخدمة لإنتاج الطائرات، ويجرى العمل حاليًا في إنشاء مصنع لهياكل الطائرات من المواد المركبة.
تحالف عالمي في صناعة الطيران
أنتم من الجهات المنوط بها توطين التقنية بالمملكة، فهل هذا القطاع موعود بأعمال أخرى من قبلكم، وما التحديات التي تواجهكم في هذا الإطار، وما تقييمكم لقطاع التقنية بالمملكة ؟
نعم المدينة جهة منوط بها نقل وتطوير التقنية في عدة مجالات، وساهمت بنقل تقنية عدة تخصصات منها الطيران، والحاسب الآلي، والمياه، والطاقة الشمسية، وكونت المدينة قاعدة كبيرة لنقل التقنية، وأصبحت ناشطة في هذا المجال، وتوطين وتطوير التقنيات.
على سبيل المثال، في مشروع أنتنوف 132 ، قامت المدينة بنقل تقنية وتطوير مشترك مع التحالف مع عدة شركات عالمية في صناعة الطيران؛ لذا نشاهد الاستفادة من النقل والتطوير المشترك بين الشركات والمصانع العالمية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية؛ لإنتاج منتج بمواصفات فنية عالية. ومن خلال هذا المشروع تم اختيار 50 مهندسًا من أصل 600 مهندس في معهد بحوث الفضاء والطيران لهذه المهمة .
وفي ظل وجود خطة واضحة من الدولة، لن يعيق هذا العمل أية تحديات، بل سيكون هذا القطاع مثمرًا جدًا في السنوات المقبلة، بصناعات داعمة لعجلة الاقتصاد المعرفي.
لأي مدى تلبي ما تنقله المدينة من تقنيات حاجة السوق المحلي ؟
توطين التقنية مرتبط بمدى قيمتها السوقية، وجدواها الاقتصادية، وكل ما تنقله المدينة من تقنيات يلبي حاجة السوق المحلي، بل تضع المملكة في طريق التنافسية العالمية، لأن الدولة اتجهت إلى الاقتصاد المعرفي؛ وهو ما تنص عليه رؤية 2030.