حضور لافت شهده منتدى المرأة الاقتصادي 2014م بغرفة الشرقية
الأميرة عبير بنت فيصل: المرأة تعي واجبها تجاه مستقبلها ووطنها.. ولابد من السعي إلى تمكين المرأة اقتصادياً
مطالبات بضرورة تفعيل الشراكات.. ودعم دور شباب وشابات الأعمال
اختتمت غرفة الشرقية مساء الخميس ١٠ إبريل ٢٠١٤م فعاليات النسخة الرابعة من منتدى المرأة الاقتصادي ٢٠١٤م بعنوان: (صناعة المستقبل برؤية المرأة)، الذي حظي برعاية حرم أمير المنطقة الشرقية صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي وسط نجاحات وإشادات بمستوى المشاركة النسائية. وأكّدت سموها أن المرأة تمكّنت خلال الأعوام الماضية من التفوّق في عدة مجالات، وأضافت: «لم يأتِ المنتدى إلا امتداداً لما سبق من رؤية إيجابية حول دور المرأة العربية في دفع عملية التنمية، وأدركت غرفة الشرقية أهمية المرحلة وتحدياتها». وأشارت سموها إلى أن المرأة تعي واجبها تجاه مستقبلها ووطنها، مؤكدةً في نهاية كلمتها أهمية إصدار توصيات تصبّ في مصلحة الجميع، وتسعى إلى تحقيق الرخاء الاقتصادي لتمكين المرأة اقتصادياً.
تحديات عالمية
من ناحيتها، كشفت الشيخة حصة الصباح -رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب- خلال جلسات المنتدى عن أن المنتدى يُقام في ظلّ عدد من المتغيرات، وواقع اقتصادي عالمي صعب، وكثير من التحديات، على الرغم من وجود كيانات اقتصادية كبيرة، وهذا الأمر يجعلنا ننظر بجدية إلى مواجهة تلك التحديات، التي تؤكد أهمية إيجاد بديل، وحلول لازمة للتنمية الصناعية، وعلى رأسها المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، إضافةً إلى الاستثمارات الأجنبية، التي هي من أهم روافد عملية التنمية الاقتصادية؛ بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية من ناحية، والمساهمة في حلّ مشكلة الفقر والبطالة من ناحية أخرى، وقد وفّرت هذه المشروعات اهتماماً متزايداً بإيجاد التوازن نحو تمكين المرأة، ورفع إنتاجها.
وأشارت الصباح إلى الدعم الذي أولته دولة الكويت للتنمية الاقتصادية، وقالت: «أولت دولة الكويت التنمية الاقتصادية اهتماماً كبيراً بإطلاق مبادرة صندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ مليار دولار»، لافتةً إلى أن للمرأة نصيباً وافراً من هذه الصناديق؛ إذ تهدف إلى تمكينها اقتصادياً واجتماعياً، وتحقيق مشاركة فاعلة في رفع كفاءتها وإنتاجيتها، وتنميتها وتطوير إمكانياتها؛ لكي تملك عنصر القوة لإحداث تغيير في مجتمعها. وأكدت الصباح أن الدراسات أثبتت أن مكافحة فقر المرأة بتمكينها اقتصادياً، وزيادة دخلها، تؤدي إلى زيادة الإنفاق الأسري على الصحة والتعليم والتغذية، وأضافت: «يعدّ التمكين مؤشراً من المؤشرات التي يُقاس بها تقدّم الأمم ونموها»، مؤكدةً أن الحكومات العربية أدّت دوراً في تمكين سيدات الأعمال بتهيئة المناخ الاستثماري عبر إجراء إصلاحات بالتشريعات والقوانين التي تكفل حرية المرأة، واختيار العمل الحر الداعم لها، وإزالة أشكال التمييز.
وأضافت الصباح في كلمتها: «أتقدّم إليكن بالإنجاز العربي الاقتصادي الأول من نوعه في الشرق الأوسط، الذي يسعى مجلس سيدات الأعمال العرب إلى تحقيقه، وهو المجلس الاقتصادي لاتحادات ومجالس الأعمال العرب، الذي حظي بدعم حكومي عربي لتحقيق الترابط الاقتصادي بين المهتمين بالأعمال؛ لنكون بهذا حقّقنا أقوى شبكة اقتصادية عربية».
اهتمام القيادة السعودية
أكّدت سميرة الصويغ -عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية- في كلمتها أن عنوان المنتدى يأتي تأكيداً لما حظيت به المرأة من اهتمام القيادة السعودية، كما يأتي خطوةً جديدةً على طريق تفعيل دورها في بناء وطنها؛ لأن (بناء المستقبل برؤية المرأة) ليس شعاراً للمرحلة فحسب، لكنه عنوان لما ينبغي أن يكون من ترجمة عملية وتطبيقية على أرض الواقع لما قدّمته حكومة خادم الحرمين الشريفين من دعم للمرأة، وهو ما يستدعي وجوداً عملياً لها في قلب شؤونها وقضاياها، تترجمه رؤية المرأة موقعها من عملية بناء الوطن، ورؤيتها دورها في بناء المستقبل، وحدود ما تستطيع أن تعطيه وتقدمه في هذا الإطار، ومن هنا تأتي أهمية هذا المنتدى استشرافاً لهذه الرؤية، واستطلاعاً لحدودها، وإسهاماً في بناء مستقبلها ومستقبل الوطن.
تنمية المنتجات الأسرية
تحدثت الدكتورة فاطمة البلوشي -وزيرة التنمية البحرينية- في كلمتها عن تجربة مملكة البحرين في تنمية المنتجات الأسرية، التي تدرّ مبلغاً شهرياً من التجارة الصغيرة، منوّهة إلى أن مشروع المنزل المنتج يسعى إلى تغطية الأعمال التي لا يغطيها السجل التجاري؛ لحفظ المجتمع من الصدمات الاقتصادية. وطالبت البلوشي بتشكيل شبكة حماية اجتماعية لجميع فئات المجتمع من خلال منظومة تحمي الأفراد، وتوفير بيئة مناسبة للتنمية، ودعت الوزارات إلى عدم التركيز في المرأة فقط؛ حتى لا ينشأ جيل ذكوري يلقي عبئه على المرأة، بل ينبغي إطلاق مبادرات تشمل كل الأسرة، خصوصاً في ظلّ الأزمات التي تعيشها المنطقة.
وأشارت البلوشي إلى التجربة البحرينية في دعم الأسر المنتجة، مطالبةً بتفعيل شراكات بين دول الخليج، وتبادل الخبرات في هذا المجال، مؤكدةً أن «بنك الأسر حقّق أعلى نسبة إيرادات بسبب سرعة تسديد القروض، كما أن المرأة عادةً تلتزم في السداد أكثر من الرجل، ومن هذا المنطلق نسعى إلى تأكيد تمكينها من خلال فتح عدة منافذ لها»، مشيرةً إلى أهمية استخدام وسائل التقنية الحديثة في تسويق منتجات الأسر؛ بهدف اللحاق بركب التطور، وهي مسؤولية كثيراً ما تقع على عاتق الجمعيات الخيرية التي تشرف على تلك الأسر.
شراكات إستراتيجية
استعرضت الأميرة نوف بنت فيصل بن تركي -رئيسة مجلس إدارة مؤسسة الغد- آلية عمل المؤسسة، والنتائج التي سعت إلى تحقيقها، من خلال تسليط الضوء على أهم القضايا والتحديات التي تواجه الشباب السعودي، وتحصين هوية الشباب، وتعزيز انتمائهم الوطني، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني، والارتقاء بمستوى الوعي لدى الشباب. وأكدت سموها أهمية بناء شراكات إستراتيجية مع جميع القطاعات ذات العلاقة بالشباب، وإبراز المبدعين من الجنسين وتشجيعهم، وقالت: «نعمل على رفع مستوى الوعي والاهتمام بقضايا الشباب، وتشجيع المبادرات النوعية التي تسهم في تنميتهم من خلال تهيئة البيئة المناسبة والحافزة لخلق مهارات إبداعية».
مشاركة المرأة في القرار الاقتصادي
اختتم حفل الافتتاح في يومه الأول وسط مشاركة عدد من المهتمات بالشأن الاقتصادي، مطالباتٍ بضرورة تفعيل الشراكات ودور شابات الأعمال. وفي اليوم الثاني للمنتدى، أكدت الدكتورة نجاح القرعاوي -عميدة كلية المجتمع في جامعة الدمام، رئيسة الجلسة الثانية التي حملت عنوان: (المرأة في القرار الاقتصادي)- أهمية مواجهة التحديات في المدة الحالية؛ لزيادة مشاركة المرأة في القرار الاقتصادي، والمحافظة على التوازن الاجتماعي من أجل التعايش مع متطلبات المجتمع. وأكدت دلال الزايد -عضو مجلس الشورى البحريني- ضرورة مشاركة المرأة في القرار الاقتصادي عبر سنّ التشريعات، والإسهام في وضع القرارات؛ لتسهيل العملية الاقتصادية، موضحةً أن «صانع القرار في منطقة الخليج العربي لا يتطلع إلى المشكلات، وإنما إلى الإجراءات التنفيذية والمقترحات، من دون طرح المشكلة». وأشارت الزايد إلى أن إنشاء جمعيات سيدات الأعمال، أو عقد الشراكات، يعملان على نقل التحديات بسلاسة، وتقديم الحلول إلى صانعي القرار.
من جانبها، نوّهت الدكتورة لمى السليمان -عضو مجلس إدارة غرفة جدة- إلى التحديات التي تواجه المرأة من أجل المشاركة في القرار الاقتصادي؛ فالأنظمة ساعدت على تسهيل مشاركة المرأة، لكن هناك صعوبات في التطبيق؛ فاختلاف الآراء يسهم في إبراز الخوف من التغيير؛ فالاقتصاد اليوم في حاجة ماسة إلى دخول المرأة في الحياة الاقتصادية، والأمر لم يعُد اختيارياً؛ لأن 30% من المجتمع السعودي يعول 70%، مؤكدةً أن المساواة مع الرجل هي مساواة في الفرص. وقالت الدكتورة ثريا العريض، عضو مجلس الشورى: «خلال تجربتنا حقّقنا عدداً من الإنجازات على رغم قصر مدة المشاركة، ومازال هناك عدد من القضايا التي سنشارك في حسمها من أجل المرأة».
وأجمعت المتحدثات على أن مشاركة المرأة في المجالس البرلمانية، أو مجالس الشورى، يخلق نوعاً من الحراك، ولم تعُد مشاركة المرأة على استحياء، بل أصبحت تستحوذ على المناقشات من خلال دفاعها، والمطالبة بتحقيق مطالبها حسب ما يقتضيه الواقع.
المرأة ثروة اقتصادية
وفي الجلسة الثالثة، التي أدارتها منى الباعود -عضو مجلس شابات الأعمال- وكانت بعنوان: (المرأة ثروة اقتصادية)، أكّدت الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة -رئيسة نادي صاحبات الأعمال والمهن البحرينية- أنه لابد من توفير الفرص للمرأة، والتأهيل، وعدم تركها في حدود الإنتاج المنزلي؛ لأن العمل غير المنظّم لا يضمن حقوقها. وأشارت الدكتورة هيفاء جمل الليل -رئيسة جامعة عفت- إلى أن عدة عوامل ساهمت في صناعة الثروة الاقتصادية؛ فإذا نظرنا إلى الإحصائيات نجد أن 56% من خريجي المجتمع هنّ سيدات، والجزء الأكبر منهنّ عاطل عن العمل، كما أن 80% من المسجلات في برنامج حافز سيدات، إذاً الثروة النسائية مهدرة. واستعرضت فادية الراشد -رئيسة لجنة سيدات الأعمال في الأحساء- محدودية القطاعات التي تشارك فيها المرأة، وقالت: «375 مليار ريال سعودي هي أرصدة نسائية مجمدة في البنوك، وحجم مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي لا يتجاوز 8%»، وطالبت بضرورة رفع ثقافة عمل المرأة؛ كالثقافة المالية الاستثمارية، والثقافة القانونية؛ إذ لا تزال هناك معوقات تحدّ من مشاركة المرأة؛ فالأولى هو الدخول في شراكات استثمارية أو مؤسسات بنكية، ولابد من إعداد قائدات من الجيل المقبل ومشاركتهن في اتخاذ القرار.
وفي الجلسة الختامية، التي ترأستها الإعلامية ميساء العمودي، وكانت بعنوان: (المرأة السعودية.. خطوات واثقة نحو المستقبل)، أكّدت مها فتيحي -رئيسة جمعية الكشافة والمرشدات في المملكة- أن اجتماع عقل الرجل والمرأة هو تكامل من أجل مجتمع متوازن، وأشارت إلى أنه لا يمكن إجبار المرأة على الخروج إلى العمل؛ لتوافر الفرص، وضرورة سدّ احتياجات أسرتها؛ «فالخيار لها، وما يهمّنا هو وعي المرأة؛ فالأهم تربية أبنائها؛ فنحن لا نريد جيلاً نتاج تربية عاملات منزليات». وعن تصحيح أوضاع العمالة، والتسرّب الوظيفي للشباب السعودي، قالت: «العرب جميعاً تنقصهم ثلاث سمات، هي: الانضباط، والاعتماد على النفس، والمبادرة والحماس؛ فثقافتنا هي ثقافة واجبات، ولابد للمرأة من معرفة واجباتها، وليست المطالبة بالحقوق، وترك الواجبات».
وأوضحت الأميرة المهندسة الجوهرة بنت سعود بن ثنيان -مديرة مركز الأمير سلمان الاجتماعي- ضرورة وجود نظرة إيجابية إلى ما تحظى به المرأة من دعم يساعدها على تحقيق الطموح؛ فلا يوجد عمل من دون تحديات؛ فالتحديات تولّد الخبرات، وتكسب المهارات والفرص المناسبة، ولابد من التمييز بين الثوابت الدينية والعادات الاجتماعية، موضحةً أن مبدأ المنافسة محدود، مع أنه المحرّك الرئيس للإبداع والابتكار؛ فالوصول إلى القمة سهل، لكن الصعب هو الحفاظ عليها. وأشادت أفنان البابطين -المدير التنفيذي لصندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية المرأة- بالدور الذي توليه حكومة المملكة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية الحاجة إلى التدريب الإداري والقيادي لخلق جيل واعٍ قادر على مواكبة التحديات، واستعرضت أبرز البرامج التنموية التي يقدمها الصندوق؛ بهدف تمكين المرأة، وإبراز قدراتها في مجالات كثيرة من خلال التمويل، وتقديم الاستشارات، وعمل حاضنات للأعمال، منوهةً إلى أن الحملة التي ينفّذها الصندوق (فيك نفتخر) تعدّ أول حملة تعمل على تكريم النساء اللاتي عملن بصمت، وتركن أثراً في مجالات متنوعة.