ضحيت بمهنتي كمعلم من أجل تحقيق طموحي في العمل
نصيحتي للشباب: لا تجعلوا الوظيفة هدفا، بل خطوة أولى لسلم النجاح الكبير
أكبر تشجيع حصلت عليه من والدي هو تركه لي اتخاذ قراراتي بنفسي
حصل بسام بن محمد علي بن عبده فتيني على بكالوريوس في التربية مع إعداد تربوي جامعة أم القرى ودبلوم في الحاسب الآلي، حضر أكثر من 24 دورة تدريبية في مختلف البرامج، وله خبرات عملية متعددة بمؤسسة مصدر مصادر الأعمال السعودية والبنـــك الأهلي التجـــــــاري ومجموعة رضا ومــدرب دورات إدارية – تطوير الذات ومستشار إداري لعدة جهات (بنــوك – أرامــكو- الغرفة التجارية – الرئاسة العامة لرعاية الشباب،كما يقيم ورش عمل في معرض لقاءات للتوظيف التابع لوزارة العمل، وهو عضو لجنة شباب وشابات الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة ، وتم اختياره مؤخرا ضمن فريق المكتب الاستشاري لمعالي وزير الحج.
قصته بدأت بإنشاء صفحة باسم ملتقى الكفاءات الوطنية على “فيسبوك” الذي تحول في فترة بسيطة إلى بنك معلومات للكوادر من مختلف التخصصات ومنبع متجدد لإعلان الوظائف ويقدم خدماته مجانا، إضافة إلى إبرازها للشخصيات الناجحة وقصص رواد الأعمال الناجحين. وهو اليوم يعمل كمستشار للعديد من الجهات، كما أنه قام بتأسيس شركه ستنطلق في 2015م ليتحول من العمل الفردي إلى كيان مؤسسي باسم (شركة الكفاءات المتعددة)،التي ستكون بإذن الله على حد قوله نواة لمشروع متكامل يعالج الفِكر المهني مزامنة مع التدريب والتوظيف والاستشارات الإدارية.
بدأ رحلته العملية موظفا عاديا في أحد المصارف السعودية وتميز في وظيفته إلى درجة أنه تمكن من تحقيق المركز الأول في المبيعات، لكنه آثر لاحقا -لظروف محددة- الاتجاه إلى العمل الحر من أجل تحقيق أهداف الذات؛ ولهذا جاءت تجربته متميزة وثرية وهذا ما يرويه بتفصيل في الحوار التالي:
قلنا لبسام أولا: حدثنا عن خلفيتك الأسرية ودور الأسرة في دعمك وتشجيعك؟
ولدت داخل أسرة متوسطة الحال والدتي متفرغة لتربيتنا ووالدي رجل معروف في قطاع التعليم ومدير مدرسة، تخرج من تحت يديه أكثر من جيل ولله الحمد.
ولربما كانت طبيعة والدي في التعامل معي ومع إخوتي هي واحدة من أهم أسباب تكوين شخصيتي، فطريقته -حفظه الله- لي كانت تتمثل في مقولة: “لا تكن قاسيا فتكسر ولا لينا فتعصر”.
وأكبر تشجيع حصلت عليه من والدي هو تركه لي أتخذ قراراتي بنفسي مع تحمل كامل النتائج والمسؤولية، وهو ما جعلني مغامرا بجنون ولم أندم يوما -ولله الحمد- على هذا الجنون.
ولكم أن تتخيلوا كيف أني ضحيت بمهنتي كمعلم من أجل تحقيق طموحي في العمل تحت ظل القطاع الخاص.
-أحلامك وأنت طفل؟ هل كنت تتمنى أن تصبح مميزا في المجال نفسه الذي تميزت فيه حاليا؟ أم كانت لك اتجاهات أخرى؟
بصراحة قصة حياتي عجيبة غريبة ومليئة بالمفاجآت، فمنذ كنت طفلا كان التمرد على الروتين طبعي وهو ما كان يفسر بأني (ولد شقي!) وربما ترتيبي بين إخوتي هي السبب، فأنا أقع في المنطقة الوسطى، لي أخ وأخت يكبراني ومثلهم يصغراني، كنت أسعى دائما للتميز سواء في دراستي أو حتى في مقتنياتي ولبسي، ولكم أن تتخيلوا أني كنت أتأنق بكامل هندامي وأنا في الصف الأول المتوسط، فلا أخرج إلا بالشماغ والعقال!
بطبيعة الحال كانت كل أحلامي أن أتخلص من المدرسة وأكبر بسرعة؛ لذلك كنت متفوقا -والحمدلله- منذ طفولتي ما عدا المراحل الأخيرة في الثانوية العامة، حين تعرضت لأول قرار مصيري في حياتي وكان يجب علي أن اختار إما التخصص العلمي أو الأدبي واخترت العلمي؛ لأني أكره الحفظ وذاكرتي ضعيفة وليس حبا في المواد العلمية!وللمعلومية في دراستي الجامعية درست في كلية التربية قسم تربية فنية لإرضاء والدي فهو حمل التخصص نفسه، لكنني في لحظة تسلمي وثيقة التخرج قررت التمرد والتوجه للقطاع الخاص كما ذكرت آنفا.
-ما دور المجتمع في دعمك بما في ذلك أسرتك الكبيرة؟
بصراحة أغبط هذا الجيل على الفرص المتاحة له، ففي تلك الأيام لم تكن هناك جهات تدعم الشباب وتعزز لهم مفهوم أن يكون صاحب عمل وليس طالب عمل، ففي زمن مضى لم تكن هناك معاهد مإزالة الصورة البارزة من المقالةتخصصة للتمويل كما هي اليوم، ومع ذلك لا يمكن أبدا إنكار دعم الأسرة لي،ويكفي أنهم تحملوا مغامراتي في رحلة صنع الذات.
-شخصيات أثرت في مسيرتك الحياتية وأسهمت في تكوين شخصيتك؟
والله كُثر، أولهم والدي لكن هناك الكثير من الأشخاص صنعوا الفارق في كل مرحلة من مراحل حياتي كأول معلم لي في الصف الابتدائي، وأول شخص نظر إلي في المقابلة الشخصية وقال: أنا أراهن عليك، مثل هؤلاء لا يمكن أن أنسى دعمهم بل أشكر الداعمين دون قصد كأول شخص وصفني بالفشل فاستفز إمكاناتي وهم كثر، بالمناسبة وصادفتهم كثيرا ولعلي أذكر قصتي حين تمكنت من جمع ثروة لا بأس بها في أواخر عام 2005م، وكيف أني خسرتها وتحولت لمليونير سابق بسبب نكسة الأسهم في فبراير عام 2006م، حينها صادفت الكثير من الأشخاص كسبتهم بحق فلم يكونوا معي؛ لأني مليونير بل كانوا معي ودعموني لثقتهم بإمكاناتي فلهم كل الشكر؛ لأنهم ظلوا معي حتى بعد خسارتي ثروتي وهم أول منشجعني بأن أكمل مسيرة طموحي حتى تمكنت من حضور برامج تدريبية تتجاوز الـ30 دورة متخصصة؛ جعلتني -ولله الحمد- متسلحا بسلاح العلم والخبرة، وكنت أحرص على طلب النُصح ممن اقابلهم ولعل ابرز نصيحة تعلمت منها كانت لمعالي وزير الاعلام السابق المرحوم الدكتور محمد عبده يماني حين قال لي بعلمك وعملك وانجازاتك سيخطب ودك الجميع وليس بمالك وهي النصيحة الذهبية التي امررها اليوم للجميع .
– كيف بدأت فكرة مشروعك بالتفصيل؟ وما شكل تلك البداية؟ وكيف تغلبت على المصاعب؟ والعقبات التي واجهتك؟
هذه قصة طويلة وجميلة لكن باختصار حين كنت موظفا في أحد أكبر البنوك السعودية وتمكنت من تحقيق المركز الأول في المبيعات، فكنت أنتظر حينها ردةفعل تزيد حماسي وتكافئني على ما أنجزت وحينما لم يحدث هذا تمردت على الوظيفة واستقلت، وقلت في نفسي لاشيء يستحق أن أعطيه جهدي وتعبي وعرقي إلا أنا، ثم تنقلت بشكل تصاعدي في عدة مناصب ووظائف في القطاع الخاص حتى جاءتني فرصة العمل خارج المملكة، لكني اعتذرت من الشخص الذي عرض علي الوظيفة فكان رده صدمة لي حيث قال: (في بلدك ما حد درى عنك)! ومن هنا جاءت فكرة ملتقى الكفاءات الوطنية.
– ما حجم مشاركاتك في المؤتمرات والفعاليات المختلفة؟
الحمد لله، كثيرا ما أشارك إذا دعيت في ملتقيات التوظيف وأنشطة وزارة العمل والندوات الصحافية، ولي العشرات من اللقاءات الفضائية التي كانت تعزز مفهوم التنمية البشرية،
ويكفيني فخرا أني شاركت بحملة غيرت في مجتمعي وصدر قرار تأنيث محال بيع المستلزمات النسائية.
– الجوائز التي حصلت عليها؟
ولله الحمد، منذ أول عمل لي في حياتي حصلت على جائزة أفضل موظف مركز خدمات الحجاج الفرادى أواخر عام 1423هـ، وتوالت الجوائز تباعا في باقي المناصب التي تقلدتها، وأغلب هذه الجوائز يمثل قيمة معنوية لا تقدر بثمن, فبعض الجوائز تتمثل في منح فرصة أو إسناد مسؤولية كما حدث في لجنة التدريب والتأهيل والسعودة في غرفة مكة، حين دخلتها عضوا وبعد أقل من عام أصبحت مديراتنفيذيا للجنة ففي مقاييسي هذهجائزة كبرى, ومن الجوائز المعنوية أيضا حينما تناول برنامج المستشار طراد في إحدى الإذاعات قصة حياتي كإحدى قصص النجاح التي اعتبرتها تكريما لي -بفضل الله-، وهي بالمناسبة موجودة على موقع “يوتيوب” لمن أحب الاستماع إليها.
– أثر الدعم المعنوي والعلمي اللذين حصلت عليهما من الدولة،هل مثل ذلك دافعا إضافيا لك؟
حينما دعيت لمركز الحوار الوطني عام 2003م شعرت بنشوة فرح عارمة؛ لأني اعتبرت ذلك ثقة بي من وطني وهو ما أقدره كثيرا, فأنا أحب وطني حد الجنون؛ ولذلك أعتبر أي خدمة له تكريما لي.
-تقييمك لجيل الشباب ماذا ينقصهم؟ وما هو المطلوب منهم؟
كما ذكرت سابقا هو جيل محظوظ لا ينقصهم شيء، ومطلوب منهم فقط المبادرة فهم الأمل ولا عذر لهم، فكل السبل متاحة لإبداعهم، واقول لهم وبصدق انني لا اخجل ابدا من التصريح بأني في بداية حياتي العملية بالتدرج كنست وغسلت ومسحت كأي عامل نظافة لكنني كنت اضع نصب عيني بأن كل هذه خطوات ارتقيها لاعلوا ولا أعلوا عليها فاكون كمن يقف مكانه متعاليا منتظرا الفرصة ولا زلت اذكر ولا اخجل من البوح احيانا لبعض اصدقائي بأني لا املك قيمة شيء اشتهي شراؤه كل هذه المواقف هي دروس نتعلمها من حياتنا وانني اليوم ارويها لاقول لكل من يعتقد ان الامل منقع بانه مخطئ الامل نحن نصنعه وهو لن يأتي ليائس.
– نصائح يمكن أن يستفيد منها الشباب الراغب في دخول مجال العمل الحر؟
من أهم النصائح ألا يجعلوا الوظيفة هدفا، بل خطوة أولى لسلم النجاح الكبير وصنع فكرة أو تملك مشروع, والنصيحة الأخرى لكل من يفكر بالبدء في مشروع أن ينخرط أولا في المجال نفسه فيه كموظف, فمن يحلم بتملك مصنع عليه أن يعمل كموظف فيه أولا عند أحدهم حتى يتعلم من الصفر فتقترن الخبرة بالطموح في التملك.
– ماذا تتمنى في المستقبل القريب والبعيد إذا أمد الله في الآجال؟
أتمنى أن أرى وطني أجمل الأوطان وأتمنى أن أرى كوادر وطني مطمعا لكل القطاعات، وأن تكون المملكة العربية السعودية هي الأولى دائما في شتى المجالات، فنحن لا ينقصنا شيء لتحقيق ذلك، والله لا ينقصنا إلا الرغبة والإخلاص لتحقيق ذلك.
وأتمنى أن أعود مليونيرا كما كنت؛ حتى أدعم كل شاب يسعى لتحقيق أحلامه، مع التأكيد أن المال ليس كل شيء فأنا جربت الحياة في كل الأحوال فوجدتأن الثروة الحقيقية هي احترام الناسلعلمي وفكري وشخصيتي ومؤهلاتي، أما احترام الناس لي بسبب ثروتي فقط هو احترام زائف مشروط يوما ما قد يتلاشى بتلاشي الثروة.