جهود حثيثة تبذلها المملكة؛ لتطوير ودعم الأنشطة والخدمات الخاصة بخدمة ضيوف الرحمن سنويًا، أملًا في الارتقاء بتلك الخدمات إلى مرحلة الرفاهية الكاملة؛ كهدف تسعي المملكة إلى تحقيقه.
وقد ظلت وتيرة التطوير متسارعة ومتصاعدة أفقيًا ورأسيًا من عام إلى آخر، وفي كل خطة تطوير جديدة تقدم المملكة نموذجًا متفردًا في نوع وكم هذه الخدمات، بحيث صارت مهمة خدمة ضيوف الرحمن بتميز وإتقان وأمان من أولويات التخطيط الاستراتيجي للمملكة، والتي يتم إدراجها ضمن خطط تنمية وتطوير الاقتصاد الشاملة، باعتبار أن تطوير مناطق المشاعر المقدسة هو في الأصل تطوير للمناطق التي تتواجد فيها.
إنَّ اهتمام المملكة بتقديم وتطوير مثل هذه الخدمات، يأتي انطلاقًا من دورها ومركزها الديني والاقتصادي تجاه الأمة الإسلامية، وهو اتجاه يعزز من قيمة ومكانة المملكة، ويعطي دورها الدولي والإقليمي بعدًا آخر؛ إذ أثبتت التجارب المتراكمة، قدرة المملكة وتميزها وتفردها بتنظيم وإدارة الحشود المليونية التي تتواجد فيها على مدار العام وتبلغ قمتها في موسم الحج؛ وهو نجاح ينسب للمملكة بشهادة المجتمع الدولي، وشهادة ضيوف الرحمن.
ولاشك في أنَّ نظرة القائمين على أمر الاقتصاد في المملكة، تُعد بكل المقاييس ثاقبة؛ إذ يضعون خدمة ضيوف الرحمن كأحد أولويات ترتيب خطط الاقتصاد؛ لعلمهم بأهمية موسم الحج والعمرة للاقتصاد وحراكه العام على المدى القصير والمتوسط والطويل، فموسم الحج يشكل انتعاشًا كبيرًا على كافة قطاعات الاقتصاد، وأهمها الخدمات والإسكان والترحيل، فالاستثمارات التي تنشط لخدمة ضيوف الرحمن تشكل نسبة مقدرة من نسب نمو الاقتصاد، كما تشكل دعمًا حقيقيًا لحركة الاقتصاد الكلية.
وتتجاوز أهمية موسم الحج للمملكة، مرحلة تقديم الخدمات؛ إذ تشكل علامة مهمة من علامات تعافي الاقتصاد، فكلما تميزت الخدمة وتوفرت، كان ذلك مؤشرًا على تطور الاقتصاد، ومؤشرًا على دقة وسلامة خطط التطوير والتنمية، بل ويشكل قبل هذا وذاك نشاطًا وانتعاشًا اقتصاديًا حقيقيًا تطال نتائجه كل قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك الأفراد، ليس في مناطق المشاعر المقدسة فحسب، بل في كل نقطة نشاط اقتصادي علي امتداد المملكة.
إن النتائج المترتبة على تطوير وتنمية مناطق تواجد الحجاج، يمكن أن تصبح مدخلًا لتحقيق وتنفيذ برامج التنمية المستدامة في المملكة، بحيث تصير هناك ضرورة لتعميم النمو الاقتصادي وتوزيعه على باقي مناطق المنطقة، بشكل أكثر إنصافًا؛ لتحقيق أكبر منفعة ممكنة بالمعيار الاقتصادي المادي والبشري، بحيث تصبح الأنشطة الاقتصادية المنفذة، قاعدة لتنفيذ مشاريع اقتصادية مشابهة في مناطق أخرى، بما يتناسب وطبيعة المنطقة.
يمكن لموسم الحج أن يكون فرصة مناسبة للراغبين في تطوير ودعم الأنشطة الاقتصادية، وتطويرها، واكتساب خبرات جديدة؛ لكونه أكبر تجمع بشري تشهده المملكة، وأكبر حراك للنشاط الاقتصادي.
الجوهرة بنت تركي العطيشان