يواجه المخترعون والمبتكرون في المملكة صعوبات جمة تعوق إخراج ابتكاراتهم إلى النور؛ إذ يؤكد عبد الله المقبل؛ المخترع ومدرب أنماط الدماغ البشري والذي اخترع جهازًا يمنع انقلاب المركبات بنسبة 70%، أنه لم يتمكن للآن من تسويق مشروعه بعد ثبات نجاحه عمليًا؛ وذلك بسبب شركات التأمين على السيارات، علاوة على أن القائمين على إدارة الحاضنات أحد المخترعين أو المبتكرين؛ إذ يكون الرجل المناسب في المكان المناسب…فإلى الحوار
عبد الله المقبل في سطور؟
بكالوريوس إدارة أعمال، مخترع ، وباحث في أنماط الدماغ البشري،أدعم المخترعين في السعودية والإمارات بصورة خاصة، وفي الوطن العربي بصورة عامة منذ 7 أعوام.
حوادث الشاحنات
متى فكرت دخول عالم الاختراعات؟
كانت مشاهدة الشاحنات المنقلبة والتي تحمل مواد خطرة سببًا لتفكيري في اختراع يمنع هذا الأمر؛ لما له من خطورة كبيرة تهدد حياة الناس، خاصة وأنني تساءلت عن منطقية تكرار حوادث الشاحنات، فبدأت أبحث عن حلول سريعة، فكانت شرارة الانطلاق، بابتكار جهاز هيدروليكي يمنع انقلاب المركبات، سواء شاحنات أو مركبات عادية بنسبة 70%، وكانت هذه بدايتي الأولى في عالم الابتكار.
معوقات كثيرة
ما المعوقات التي تواجه المخترع ؟
، تبدأ من مجرد إطلاق فكرتك، فأنا كمدرب في أنماط الدماغ البشري، أدرك أن الابتكار يعني “التفكير خارج الصندوق”، فطبيعي جدًا أن ينتقدك من حولك؛ لأن فكرتك مختلفة تمامًا وغير مسبوقة، ونادرًا ما تجد من يؤيدها، فالشخص يؤمن بالفكرة ويسعى لتحويلها من فكرة يعارضها الجميع، إلى فكرة يقر بها الجميع؛ وذلك بالعزيمة على تحويلها إلى واقع ملموس يلبي احتياجات فئة معينة من المجتمع؛ وبذلك يتحول الناس من معارضين للفكرة إلى مؤيدين لها؛ وهو ما يتطلب وقتًا طويلًا وصبرًا. يظهر العائق التالي في المؤسسات العاملة في هذا المجال؛ إذ لا تصب عادةً في صالح المخترعين.
ما أهمية اختراعك اقتصاديًا وبيئيًا ؟
الأهمية الاقتصادية تكمن في اهتمام الشركات التي تمتلك عددًا كبيرًا من الشاحنات، وكذلك شركات التأمين، لأن الاختراع يقلل نسبة انقلاب المركبات بنسبة لاتقل عن 70%، وهو أمر مهم اقتصاديًا لتلك الشركات.
أما من الناحية البيئية، فإن هذا الاختراع يُحسِّن البيئة بشكل كبير جدًا؛ لأن أغلبية المركبات التي تحمل وقودًا ومواد خطرة ينتج عنها آثار سلبية خطيرة في حالة تعرضها لحادث، ففي عام 2012م، انقلبت شاحنة غاز بالرياض، فكان لها أثر كبير في تلوث البيئة، إضافة للتأثير البشري من إصابات وموت.
تصنيع النموذج ذاتيًا
هل ساعدك أحد في تصنيع النموذج الأولي، وهل وجدت دعمًا من أحد؟
بتوفيق من الله تعالي اشتغلت ذاتيًا في تصنيع النموذج، وكذلك عملت على تطبيقه بالتعاون مع إحدى الشركات في المنطقة الشرقية، والتي دعمتني معرفيًا نوعًا ما؛ إذ وافقت على تركيب اختراعي على بعض مركباتها، خاصة وأنها تمتلك 1300شاحنة تتحرك يوميًا في طرقات المملكة. ورغم نجاح التجربة بنسبة عالية جدًا، لكن الشركة رأت عدم تحمل تكاليف تصنيع هذا الجهاز، فتوليت ذلك برأسمالي الخاص.
التصنيع كخطوة أولى
هل هناك ابتكارات جديدة لك هذا العام ؟
إنني حاليًا بصدد إنشاء مؤسسة تهتم بالتصنيع كخطوة أولى ، وأنشأت مكتبًا مهتمًا بهذا المجال، أعمل على تطويره كمؤسسة. وأهتم كذلك بالتصنيع والتسويق للاختراعات بشكل عام، كما أنشأت منصة إلكترونية باسم”ابتكارات الثراء” تجمع المخترعين بالخبراء والمستثمرين، بطريقة ذكية وغير مسبوقة، تتيح استمرار بحث التعاون بين العناصر الأساسية لإنشاء مشاريع مبتكرة.
من وجهة نظرك ما الذي يميز المشاريع المنتجة لسلع حاصلة على براءات اختراع؟
احتضان الابتكار بشكل جيد مهم جدًا لاقتصاد الدولة؛ إذ قد ينتج عنه ريع كبير اقتصاديًا. وتشجيع الابتكار هو البداية الحقيقية للتنافسية العالمية؛ لأننا سننطلق من منصة الاقتصاد المعرفي، وفي حال ترجمة ابتكاراتنا إلى واقع عملي، لن نكون دول تابعة اقتصاديًا، لذا آن الأوان لتبني الابتكارات، وخلق احتياج قوي، حتى تجد تسويق قوي، وعندها ستدعم نمو اقتصاد الدولة.
إلى أي مدى ترى أن بيئة الإبداع والابتكار محفزة؟
بالنسبة للاقتصاد المعرفي والابتكار بشكل عام، فلدينا مجموعة أدوات متوفرة؛ وهي الأفكار والطاقات الإبداعية، لكن ما نعاني منه هو عدم وجود استثمار جريء في هذا المجال، بالرغم من أنه المفصل في هذا الأمر، كما أن نمو الابتكار بشكل عام يتوقف على ترجمة الابتكارات لواقع عملي.
مشكلة الحاضنات
تمتلك المملكة حاضنات تقنية، فكيف ترى دورها في دعم المبتكرين؟
الحاضنات الموجودة حاليًا لا تلبي الاحتياج المأمول في دعم الاقتصاد في مجال الابتكار، فقد سبق وأن تواصلنا مع الجهات المعنية في هذا المجال وطرحنا أفكارًا عديدة، كما نقدم حاليًا برامج لبعض الحاضنات التي أبدت رغبتها في الخدمات المقدمة للمخترعين، آملين التوفيق من الله. وقد أخذنا زمام المبادرة في تحسين مستوى أهم الحاضنات الموجودة بالمملكة لأهميتها، ولأنها منصة لانطلاق المشاريع المبتكرة.
المشكلة الأساسية للحاضنات التقنية تكمن في أن القائمين على أمرها ليسوا على قدرة عالية في التعامل ورسم الخطط وبرامج مناسبة، ولكن عندما تكون الحاضنات مؤسسات قانونية بحتة، أكثر من كونها حاضنة للإبداع والابتكار، وتتبع إجراءات صارمة ومحددة طويلة الأمد، هنا يقتل الإبداع. وهذه مشكلة كبيرة؛ لأن أغلب المدراء التنفيذيين بالحاضنات غير مؤهلين ذهنيًا لإدارة الحاضنات. ورغم ما تضخه الدولة من أموال، لكن إذا أدارها شخص غير قيادي تكون الإشكالية كبيرة؛ أما إسنادها لمخترع فسوف يخلق فارقًا كبيرًا؛ لأنه رجل ميداني؛ وبالتالي سيذلل كافة العوائق أمام المبتكرين. وبصورة عامة يجب أن تتحلى إدارة الحاضنة بنظرة استراتيجية ومرونة وبعد أفق.
ما المعوقات التي تواجه المخترعين بشكل عام؟ وكيف ترى دور المؤسسات الرسمية والخاصة في رعايتهم ؟
بالنسبة للمؤسسات الحكومية والخاصة، فدعمها لا يتجاوز مرحلة توثيق الأفكار؛ أي مرحلة”الملكية الفكرية”؛ أما مرحلة ما قبل ذلك- وهي التدريب على الابتكار- فإلى الآن تعاني من ضعف كبير جدًا، وكذلك تعاني مرحلة احتضان المشاريع من ضعف وهي مرحلة ما بعد الملكية الفكرية، علاوة على تحويل أفكارهم لمشاريع، لضعف الاستثمار الجريء في هذا المجال.
حوار: محمد فتحي