دفعه حبه للخير، وإحساسه بالبسطاء، إلى كتابة تغريدة على تويتر ، كان لها صدى هائل، تحولت في لمح البصر إلى مبادرة جذبت انتباه المجتمع السعودي، وتحويل حبهم للخير إلى نهر عطاء، فاق التوقعات؛ حيث بلغ عدد المستفيدين من مبادرة الخير إلى نحو 15 ألف فقير وعامل نظافة، ولاتزال المبادرة مستمرة؛بهدف الوصول لكافة أنحاء المملكة..
لذلك حاورنا عبد العزيز القحطاني؛ صاحب التغريدة الشهيرة،والذي درس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، ويعمل مديرًا للجودة والشكاوى بشركة مالية خاصة، فماذا قال عن مبادرته؟
حوار / حسين الناظر
ـــــ ما الذي جعلك تحب العمل التطوعي؟
نشأت في أسرة تحب عمل الخير، فكنت في صغري أساعد كل من أراه يحتاج المساعدة، وأجد نفسي في هذه الأعمال التطوعية.
ولي تجربة مهمة مع جمعية “جزيل” التي أسسها صديقي ياسر الحربي، بهدف مساعدة الأطفال والفقراء خاصة في الدول الإفريقية الفقيرة مثل تنزانيا؛ إذ ساهمت معهم في شراء هدايا واحتياجات حملها ياسر ورفاقه إلى أطفال تنزانيا، وكم كانت سعادتي عندما عادوا لي بصور وفيديوهات تعبر عن فرحة الأطفال بالهدايا والمساعدات التي أرسلت، فرسم بسمة على وجه طفل أو محتاج، متعة كبيرة وإحساس غامر بالرضا والسعادة.
مجتمع تويتر
ـــ ما قصة تغريدتك ؟
بدأت القصة عندما كنت أنظر من نافذة المكتب في جدة؛ حيث وقع نظري على عمال النظافة وهم يعملون بجد تحت العواصف الترابية التي اجتاحت جدة، فجال خاطري فيما يقاسونه تحت هذه الظروف القاسية، لخدمة المجتمع، ففكرت عمل شيء لدعمهم ورد الجميل لهم. ولأني دائم التغريد على تويتر، ففكرت أن أشرك مجتمع تويتر معي فكتبت: :” أبغى استفز مطعم ساندوتشات أو برجر على كم ريتويت مقابل يعطيني 100 ساندوتش، راح اعطيها للعمال اللي في الشارع .. بس أخاف الفكرة تفشل”.
فوجئت برد من مطاعم شاورمر بالمساهمة، فسألتهم في تغريدة أخرى:”الأعزاء شاورمر تحية طيبة. كم ريتويت عشان تعطونا 100 ساندوتش نوزعها على عمال النظافة في الشارع؟”، فكان تجاوبهم رائعًا ، وسريعًا، فتبرعوا بـ 100 ساندوتش دون رتويت.
ودعوني لاستلامها، ثم توالت بعدها عشرات التغريدات من الشركات والمؤسسات للتبرع والدعم والمساعدة.
ــــــ ما أنواع الشركات والمساهمات التي قدمت ؟
كل شيء وليس الطعام فقط، فجاءت المساعدات من شركات بيتزا وشاورما وفراخ ولحوم، وعصائر ومياه معدنية وغازية، وتمور، وحلويات، ونظارات شمسية ومظلات وواقي من الشمس، وملابس، كما قدمت شركات اتصالات كروت شحن، وغير ذلك.
توثيق المبادرة
وهل اقتصر الأمر على المساهمات العينية؟
امتد لأكثر من ذلك ، فقد تطوعت صحف وقنوات إعلامية ليكونوا رعاة إعلاميين للتغطية والانتشار، وشركات أخرى إعلامية تطوعت بتقديم خدماتها الإعلامية كإنتاج مقاطع فيديو لتوثيق المبادرة، وتوفير الرعاية الإعلامية للحملة، كما وفرت بعض شركات النقل سيارات لتوصيل الطعام ساخنًا لمستحقيه.
ــــ وماذا عن الخدمات الصحية للعمال وغير القادرين؟
جاءت من خلال تواصل بعض المستشفيات والمراكز الطبية؛ حيث قدمت كوبونات للكشف وإجراء الفحوصات الطبية مجانًا، قدمناها للمرضى من العمال وغير القادرين. وسنعمل على التوسع في هذه الخدمات في ظل دعم ومساندة الأطباء والمراكز الطبية المختلفة للمبادرة وتقديم دعم سخي في سبيل الخير.
دعم الأمير خالد الفيصل
ـــ وماذا عن الدعم الذي تلقيته من جهات رسمية حتى الآن ؟
بادرت وزارة الشئون البلدية والقروية للمساعدة في الوصول لسكن العمال، وتحملها تكلفة نقل المساعدات إلى بيوت المحتاجين، كما تلقينا دعم الأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة وتشجيعه للمبادرة، وسيكون لنا اجتماع بسموه قريبًا، وكذلك وزارة الداخلية، وإمارات جدة والرياض والدمام، فضلًا عن مؤسسات وجمعيات حكومية وأهلية كلها بادرت بتوجيه الدعم المادي والمعنوي.
ــــ وما دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تواصلت وتعاونت معكم؟
أمدتنا الجمعيات الخيرية بقوائم الأسر المحتاجة بها وعناوينهم لتسهيل الوصول إليهم، كما قدمت متطوعين لمساعدتنا في توصيل المساعدات، كما أننا نقوم بتسليم بعض الجمعيات المساعدات لتتولى توصيلها لمستحقيها.
الدال على الخير كفاعله
ـــ بم تفسر نجاح التغريدة وإقبال الناس عليها؟
ماتم بتوفيق الله سبحانه؛ فالقبول من عنده، فما حدث ليس غريبًا على شعب المملكة ، فالناس محبون للخير، ولديهم دومًا استعداد لفعله، ولكنهم يحتاجون لمن يأخذ بأيديهم ويدلهم على الخير؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الدال على الخير كفاعله” . وهناك سبب آخر أعتقد أنه مؤثر؛ وهو طريقة الطرح، فالمبادرة قدمت طريقة غير مكلفة ومبتكرة أخرجت الجميع من الروتين المكرر.
ــــ مبادرتك أثبتت أهمية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، فما تعليقك ؟
بالطبع، فهي أسرع في التعبير وتوصيل الرسالة، من قنوات التلفزيون والصحف التقليدية ، كما أنها توصل صوت الفقراء والمحتاجين، علاوة على أنها نجحت في جعل التواصل حقيقيًا لا افتراضيًا بين المتبرعين ومن يحتاجون المساعدة.
وهي كأي اختراع ؛ تستخدم في الخير و الشر حسب رؤية وهدف المستخدم، والحمد لله وفقنا في استخدامها في الخير.
مبادرة مؤسسية
ـــــــ كيف تحولت الدعوة لمبادرة مؤسسية ؟
بعد النجاح السريع، ووصول آلاف الوجبات، كان لابد من تحويل الدعوة إلى مبادرة مؤسسية، فقمت بتشكيل فريق عمل قوامه الشباب الذي بادر بالتطوع، ووضعنا قاعدة بيانات من المتطوعين، تضمنت أماكن إقامتهم، نقوم -عبر تويتر- بتوجيههم للمطاعم والشركات القريبة منهم لاستلام الوجبات والمساعدات وتوصيلها للمستحقين القريبين منهم في مناطقهم؛ وبذلك نوفر الوقت والجهد في إتمام العمل.
فريق من المتطوعين
ـــــ ما الخطوات التي اتخذتها في سبيل ذلك؟
هدفنا هو استمرار المبادرة؛ لذا نحن بصدد تأسيس جمعية ولكن بشكل مغاير، جمعية إلكترونية، دون مكاتب أو موظفين دائمين، قائمة على التطوع، وركيزتها فريق كبير من المتطوعين في كل أنحاء المملكة، يقومون بتوصيل الخدمات والتبرعات في أسرع وقت وبسهولة تامة.
كما نعد لإطلاق موقع إلكتروني لمواكبة هذا التوسع، يتضمن قاعدة بيانات للمتبرعين من شركات وجمعيات وأفراد، وبه كافة المعلومات الإحصائية لكل من يريد أن يعرف أي شئ عن المبادرة.
فرص عمل للعاطلين
ــــ وهل تشمل المبادرة أمورًا أخرى بخلاف الأطعمة والملابس ؟
المبادرة لن تكون أطعمة وملابس فقط ، بل وأشياء أخرى؛ إذ نعمل على وضع خطط مستقبلية لخلق فرص عمل للعاطلين، والاهتمام باليتامى وكبار السن ، وتطوير الأحياء، والاهتمام بدور الفتيات وغيرها، كما سنعمل كحلقة وصل بين الشركات والشباب من أبناء الأسر المحتاجة، لإيجاد وظائف لهم عبر الشركات التي تواصلنا معها في هذا الإطار.
ــــــ كيف ترى المسؤولية الاجتماعية للشركات، من واقع تجربتكم؟
بعض الشركات التي تقوم بمسؤولية اجتماعية حقيقية وجادة، قليلة جدًا مقارنة بمن لا دور لها في العمل الخيري والاجتماعي. وهذا الصنف الأخير يتطلب توعية وتشجيعًا وتعريفهم بأهمية المسؤولية الاجتماعية وفوائدها لهم وللمجتمع.
لا أمتلك شركة دعاية
ــــ يرى البعض أن في المبادرة دعاية للشركات، فما تعليقك؟
لم ألتفت لهذه الانتقادات؛ لأنني لا أمتلك شركة دعاية، وليس لي خبرات في هذا المجال. أما الشركات التي هدفها الدعاية، فتمتلك القدرة على الوصول لشركات إعلانية ومنصات قوية، سواء في التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي، ولديها متابعون بالملايين. وقد يكون هناك شركات هدفها إعلاني، فما المانع أن تعلن عن نفسها مادامت تفيد الناس.
ـــــ ما الجديد في المبادرة الفترة القادمة؟
هدفنا الوصول بخدماتنا لكل أنحاء المملكة إن شاء الله، ونكثف العمل للوصول إلى 20 ألف مستفيد قبل شهر رمضان، ومضاعفة هذا الرقم في الشهر الكريم. وسوف نركز على العمل طوال العام، وليس في المواسم فقط كشهر رمضان، وسنعلن عن أية تفاصيل جديدة عبر حسابي على تويتر، والذي وهبته لفعل الخير، ومساعدة الناس.