تختلف الشركات في مستويات العطاء المجتمعي من خلال تبنيها للمسؤولية المجتمعية بمفهومها الواسع في مجالات أعمالها المختلفة.
ومع ازدياد التطرق للمسؤولية المجتمعية في الآونة الآخيرة على كل المستويات، بدأت تظهر ثقافة “الشركات ذات العطاء” في الوقت الذي ماتزال فيه المفاهيم تتداخل بين المسؤولية المجتمعية والعمل الخيري والتطوعي.
واليوم، نقف أمام نماذج حقيقية لشركات رائدة ومتميزة في مجال العطاء المجتمعي، بعد إدراكها أهمية المسؤولية المجتمعية ودورها البنَّاء في التنمية المجتمعية على كافة الأصعدة.
ومن النماذج الرائدة في هذا المجال، ماقامت به شركة روكفلر الأمريكية التي قامت بتخفيض ساعات العمل للعاملين، إلى جانب شركة فورد التي تقوم بتمويل مشاريع بحثية لمشاريع تنموية ومنح زمالات دراسة وبحثية للراغبين، فضلًا عن تأسيس الملياردير بيل جيتس مؤسسة عطاء اجتماعي بأكثر من 60 مليار دولار.
وما ذكر سابقًا لا يقلل من دور رجال الأعمال والميسورين والشركات الرائدة في دولنا العربية والإسلامية، فالوقف الإسلامي يُعد من أسمى الأنظمة الاقتصادية التي ساهمت في بناء المجتمعات الإسلامية على مر العصور، وساهمت في التقدم العلمي والفكري والثقافي للبلاد الإسلامية، كما ساهمت في بناء صروح العلم ونشره، فضلًا عن إنشاء المستشفيات، وبناء الجسور، وتعبيد الطرق، وتوفير المياه والغداء؛ وهو ما يُعد ذا شمول أكبر من المسؤولية المجتمعية للرأسمالية.
وفي محيطنا اليوم، كثير من التجارب الرائدة في مضمار العطاء، فنجد شركات تمارس المسؤولية المجتمعية الحقيقية عبر أعمالها، في حين تحاول أخريات دخول هذا المجال؛ وذلك ضمن سعيها لرد الجميل والمعروف للمجتمع.
وتسعى الشركات ذات العطاء المجتمعي للالتزام بإطار تعاقدي أخلاقي مع جميع الأطراف المعنية- وأهمها المجتمع- لضمان مستقبلها وديمومة أعمالها في إطار المسؤولية المجتمعية التي تُستخدم كمرادف لإسهام الشركات ورجال الأعمال في التنمية المستدامة، والتي تتضمن: مستويات العمل، وحقوق الإنسان، والتعليم، والصحة، والطفولة، وتقويض الفقر، والتأثير البيئي، وخدمة المجتمع.
وتضمن المسؤولية المجتمعية للشركات ذات العطاء، البقاء وممارسة أعمالها على المدى الطويل وسط قبول وترحيب مجتمعي من خلال اهتمامها ببعض أو كل الجوانب الاجتماعية للعاملين، والمستهلكين، والمجتمع، والبيئة، فضلًا عن تمويل المبادرات التي يحتاجها المجتمع.
ومع التحول في اقتصاديات السوق، برز الاهتمام كثيرًا بالمسؤولية المجتمعية تجاه تنمية الإنسان والمجتمع، وأصبحت مظهرًا من مظاهر التنمية والعطاء الاجتماعي والاقتصادي
والشركات مدعوة اليوم للعب دورها في المسؤولية المجتمعية، فضلًا عن أهمية دور الجهات المعنية كالوزارات والغرف التجارية في دعم المبادرات التي تسهم في زيادة الوعي بالممارسات المسؤولة اجتماعيًا، والتي يمكن أن تسهم فيها مختلف الشركات، بما فيها الشركات المتوسطة والصغيرة، وإبراز كيفية قدرتها على تأسيس وحدات أو إدارات خاصة بالمسؤولية المجتمعية؛ لترسيخها كثقافة مؤسسية لتلعب دورها المنوط في الشراكة مع المجتمع؛ لتحقيق التنمية المستدامة.