“إن الفرنشايز هو ذلك النشاط التجاري المتميز الذي يقدم منتجًا أو خدمة للآخرين، يستشعرون معها روح الإبداع، ويخلق لدى المستثمرين شعورًا بالانفراد؛ من حيث التذوق والارتياح النفسي والخدمة العالية والسعر المنافس والموقع الاستراتيجي، ليأتي بعد ذلك فضول استنساخ هذه التجربة الفريدة في أماكن متعددة محليًا ودوليًا”.. هذا هو تعريف الفرنشايز للدكتور محمد بن دليم القحطاني؛ الخبير الدولي في الفرنشايز، والذي نلتقي به في هذا الحوار الغني بالمعلومات والحقائق ، حول الفرنشايز في المملكة وفي العالم، وعلاقته برؤية المملكة 2030، وخطة التحول الوطني، ومزاياه، وما يواجهه من تحديات ..
حوار: سميح جمال
“إن الفرنشايز هو ذلك النشاط التجاري المتميز الذي يقدم منتجًا أو خدمة للآخرين، يستشعرون معها روح الإبداع، ويخلق لدى المستثمرين شعورًا بالانفراد؛ من حيث التذوق والارتياح النفسي والخدمة العالية والسعر المنافس والموقع الاستراتيجي، ليأتي بعد ذلك فضول استنساخ هذه التجربة الفريدة في أماكن متعددة محليًا ودوليًا”.. هذا هو تعريف الفرنشايز للدكتور محمد بن دليم القحطاني؛ الخبير الدولي في الفرنشايز، والذي نلتقي به في هذا الحوار الغني بالمعلومات والحقائق ، حول الفرنشايز في المملكة وفي العالم، وعلاقته برؤية المملكة 2030، وخطة التحول الوطني، ومزاياه، وما يواجهه من تحديات ..
- بداية بماذا تعرف نفسك للقارئ؟
إنسان ينشد التميز، يبحث عن الجديد في عالم الأعمال، يعشق الفرنشايز بكل تفاصيله، لا يبخل بأي استشارة أو معلومة تفيد رواد الأعمال. استطعت ولله الحمد خلال مسيرة عملي التمكن في عدد من التخصصات مثل؛ إدارة الأعمال الدولية وما تحمله من موضوعات هامة كالاستثمارات الأجنبية، والتفاوض الدولي، والتسويق العالمي، وإدارة الموارد البشرية وما تحتضنه من تحليل للوظائف وتخطيط للقوى العاملة واستقطاب وتدريب وتحفيز وغيرها كثير، وبيئة الأعمال وكل ما يرتبط بها من عناصر تشمل البيئة الداخلية والخارجية للشركات، والاقتصاد الذي يعد من أفضل الأحصنة التي أراهن عليها في تحليل بيئة الاقتصاد المحلية والعالمية بطريقة تفهمها عامة الناس ، علاوة على امتلاكي قدرات التنبؤ المتقن.
مميزات وعقبات
- كيف ترى الفرنشايز في المملكة.. المميزات والعقبات؟
تشير الدراسات إلى أن سوق الفرنشايز العالمي سيصل حجمه إلى 5 تريليون دولار بحلول عام 2020 ، كما ستواصل أهم العلامات التجارية العالمية التي تعمل بنظام الفرنشايز انتشارها في معظم دول العالم. وتشير الأرقام إلى أن حجم الفرنشايز في الشرق الأوسط حتى نهاية 2016 يتجاوز الـ 100 مليار دولار وسيتضاعف هذا الحجم في عام 2020.
وينمو الفرنشايز في المملكة بشكل هائل؛ بسبب الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده منذ اكتشاف النفط في القرن الماضي على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن أسكنه الله فسيح جناته، ومنذ ذلك الوقت واقتصاد المملكة يزدهر ويستجيب للتغيرات الاقتصادية. وكان قطاع الفرنشايز من أول القطاعات في الشرق الأوسط التي طرقت الأسواق السعودية؛ وذلك في أوائل السبعينيات من القرن نفسه.
ويؤثر الفرنشايز ويتأثر كأي قطاع آخر بالمملكة، لكنه يتميز بما يلي:
- جذب استثمارات أجنبية فريدة في قطاعات التجزئة والجملة تعمل بنظام الفرنشايز؛ ما دفع الشركات المحلية لاختيار استراتيجية المحاكاة لهذه الأعمال الناجحة.
- تعزيز ميزان المدفوعات السعودي نتيجة نقل تجربة نجاح شركات الفرنشايز الدولية للدول الشقيقة المجاورة من خلال مستثمرين سعوديين؛ ما ينعكس على ارتفاع حجم العملات الأجنبية في الدولة.
- تنظيم قطاع التجزئة بشكل احترافي وتقني وإداري.
- خلق فرص وظيفية للشباب الطموح.
- خلق بيئة تدريبية مؤثرة.
- دعم حركة الاستيراد والتصدير.
- تشجيع بيئة حماية حقوق الملكية الفكرية وتأصيلها لدى رواد الأعمال السعوديين الجدد…الخ
أما العقبات والتي تسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى تجاوزها، فتتمثل في:
- غياب القوانين والتشريعات التي تنظم هذا القطاع الحيوي.
- الاختلاف الثقافي الذي يتعارض بين موروثنا الثقافي وتوجهات بعض أعمال الفرنشايز الأجنبية.
- غياب الأيدي العاملة المهنية المدربة على أهم الوظائف التشغيلية والتقنية.
- وجود فجوة بين طموحات هذه العلامات الأجنبية والمستفيدين منها من المواطنين؛ وذلك فيما يتعلق بالنمو والتوسع وضبط الجودة وتبني ما يعرف بإدارة الالتزام…الخ.
1.2% من الناتج المحلي
- بالرغم من أن المملكة دولة غنية اقتصاديًا، لكن مفهوم الفرنشايز ما زال متأخرًا فيها، بماذا تعلل ذلك؟
قبل رؤية المملكة 2030 كان اعتمادنا على النفط يصل إلى 89% ، والباقي يذهب للقطاعات الأخرى والتي من ضمنها الفرنشايز، والذي يشكل- حسب وجهة نظري- 1.2% من إجمالي الناتج المحلي، والذي نتمنى أن تصل نسبته إلى 6% بحلول عام 2030. ويعود السبب في تأخرنا إلى غياب ثقافة الفرنشايز في المجتمع السعودي من خلال بعض مؤسسات الدولة والممثلة في قطاعات التجارة، الطاقة والصناعة، التعدين، الكهرباء، المياه، مشاريع السياحة والفندقة، المقاولات، الصحة، التعليم، الترفيه وغيرها من القطاعات التي لعب الفرنشايز دور بارزًا في نموها وتطورها، وفق أساليب إنتاج وعمل مثالية ولوجيستيات باهرة، ونظم إدارية محترفة، وآليات تسويق إبداعية، وكفاءات بشرية متدربة على أعلى مستوى من الكفاءة والفعالية.
154.1 مليار دولار قيمة علامة آبل
- العلامة التجارية، ما الذي يمكن أن تمنحه لأصحاب المشاريع من مكاسب مالية؟
للعلامة التجارية الناجحة قيمة سوقية تصل إلى مليارات الدولارات، فعلى سبيل المثال تجاوزت قيمة علامة آبل كأول أكبر 100 علامة في العالم حسب مجلة Forbes مبلغ 154.1 مليار دولار يليها جوجل بمبلغ 82.5 مليار دولار؛ أما كوستكو – والتي تأتي في المرتبة 100 ضمن أكبر العلامات التجارية في العالم – فبلغت قيمتها 6.1 مليار دولار. هذه الفروق بين أول شركة في القائمة وآخر شركة هو ما تمنحه هذه العلامات من مكاسب لأصحابها، متى ما حققت نجاحات وابتكارات ومساهمات تصل إلى معظم دول العالم.
بطء عملية سن القوانين
- الجهات المختصة تنظر حاليًا في تنظيم قوانين للفرنشايز السعودي، كيف تمضي وما الذي ينقصها؟
بكل أسف، تسير الجهات المختصة ببطء شديد في عملية سن القوانين التي تتفادى الأخطاء التي مرت بها دول المنطقة، فنحن لا نريد أن نكرر هذه الأخطاء والقوانين التي يجب تبنيها في نظام الفرنشايز، بل يجب ضمان حقوق كافة الأطراف من مانح وممنوح وشركات وساطة وغيرها، بحيث تتشجع باقي العلامات الأجنبية المتميزة، والتي تنسجم وتوجهات القطاعات الثمانية التي حددتها رؤية المملكة 2030، كما أنها ستدفع بالشركات المحلية إلى ضبط بوصلتها في عالم الفرنشايز الفسيح.
برنامج التحول الوطني
- كيف لمفهوم الفرنشايز أن يخدم السوق ضمن برنامج التحول الوطني 2020؟
اعتمد برنامج التحول الوطني على العديد من المبادرات الوطنية والتي تجاوزت الـ 500 مبادرة. ويُعد الفرنشايز مبادرة اقتصادية جوهرية تدفع بعجلة النمو إلى أعلى المستويات؛ لتبنيه أفكارًا ريادية تحمل لغة العصر والطموح، وتتوغل في كافة القطاعات. لذا، علينا تشجيع رواد الأعمال على استقطاب أهم العلامات الأمريكية والأوربية التي تحمل معها قيمة مضافة لاقتصادنا الوطني، وتسير في نفس مسار الرؤية.
- ما الفارق بين مالك العلامة التجارية والحاصل عليها؟
في لغة الفرنشايز يسمى مالك العلامة بالمانح، والحاصل عليها بالمستفيد أو الممنوح. فالمانح يمنح المستفيد حزمة حقوق يصعب غالبًا تجزئتها أو فصلها عن الخدمات الإضافية أو الأخرى التي يلتزم بتقديمها المانح. ومع ذلك، فإن الحقوق الممنوحة بالعادة تتضمن ما يلي:
- الإذن أو الترخيص باستعمال الاسم أو الشعار أو العلامة التجارية المملوكة للمانح.
- الإذن أو الترخيص باستعمال الأسرار التجارية أو الصناعية، وطرق وأساليب التشغيل.
- توفير الحماية القانونية الناشئة عن تقليد العلامات أو التعدي على الأسماء والعلامات التجارية.
وبلا شك، فإن حق استعمال العلامة التجارية من المميزات التي يستأثر بها المانح، والذي يهمه وضع كثير من الأحكام في العقد لتنظيم الترخيص باستعمال علامته بشكل قانوني. ولعل العلاقة بين مالك العلامة والمستفيد منها تمر بست مراحل هي: الفرح، ودفع الرسوم، والاعتماد على النفس، والحرية، والحاجة للدعم، والعمل المشترك.
عماد الاقتصاد الوطني
- المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي عماد الاقتصاد الوطني ، فهل يجب أن تحصل كلها على الفرنشايز لكي تنجح؟
لا ليس بالضرورة؛ لأنه ليس كل نشاط يصلح أن يكون فرنشايز، ولكن الدراسات تشير إلى أنه خلال العشر سنوات القادمة، ستعمل معظم العلامات التي تحتضنها الأسواق العالمية بنظام الفرنشايز. وهنا نقول: لا مجال للأعمال التقليدية خلال هذه السنوات؛ لذا على رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة أن يقرأوا كثيرًا حول مفاهيم الفرنشايز ويتعلموا أهم الحالات التي واجهتها أنجح شركات الفرنشايز مثل صب واي وماكدونالدز وكنتاكي وغيرها.
خريطة طريق
- كيف تقيٍّم الحراك الاقتصادي عمومًا، وكيف نحقق حلم الوحدة العربية؟
لقد استطاع الملك سلمان- حفظه الله- أن يرسم خريطة طريق للأجيال القادمة بعد أن عايش حالات الشدة والرخاء التي مر بها اقتصادنا الوطني، وسخر ما لديه من فكر ورؤية ثاقبة وتفهم نادر لطاقات شبابنا وإلمام واسع لمدخراتنا ومواردنا ليخلق حالة الحراك الوطني الذي نراه اليوم، فنمت استثماراتنا الأجنبية بأكثر من 12% لعام 2016 وأصبحت المشاريع التي يستهدفها شبابنا الطموح، نوعية وهادفة، وتحقق عوائد مجزية لا تتجاوز في كثير من الأحيان الثلاث سنوات. كل ذلك يعزز من اقتصادنا؛ ليؤثر على باقي اقتصاديات عالمنا العربي؛ لنكون قدوة في النجاح، وندفعهم للسير على نفس الخطى؛ لنلتقي عندئذٍ في عام 2030 وقد تهيأنا جميعًا لنحقق حلم الوحدة العربية من خلال تشكيل أكبر تكتل لاقتصادياتنا العربية لتكون ضمن قائمة أكبر أربع اقتصاديات في العالم بعد أمريكا والصين واليابان.. إنه طموح ليس ببعيد المنال.
حوار: سميح جمال