تُصَّنف حضارة العرب ضمن الحضارات الثلاث الرئيسة، التي كان لها تأثير على تطور حركة العلوم في العالم، فما هي العناصر التي صنعت هذا النجاح؟
يذكر لنا التاريخ أن هناك ثلاث حضارات تُعد أهم الحضارات العلمية التي بنيت عليها العلوم في العصر الحديث: الرومانية، والإغريقية، والإسلامية العربية.
وبالرغم من محاولة البعض، التقليل من حضارة العرب الإسلامية، بالزعم بأنها كانت فقط مجرد ناقلة لحضارة من قبلها عبر الترجمة، ودون إنتاج خاص بها، إلا أنَّ المنصفين من العلماء يرون عكس ذلك. وبغض النظر عن هذه الجدلية حول الترجمة أو نقل المعرفة فقط، أو إضافة إنتاج جديد، إلا أنَّ العصر الحديث- غربًا وشرقًا- يعترف بالحضارة العربية الإسلامية العلمية، وأثرها على حركة العلوم في العصر الحديث.
وهذا يجعل من الأهمية، تحليل الطريقة التي تعامل بها العلماء مع العلم في ذلك الوقت، فما هي السمات العلمية لحضارة العرب للتوصل إلى كيفية إحداث الحالة نفسها في العصر الحديث؟ وما هي الدوافع التي أدت بهؤلاء العلماء إلى الرغبة في العلم وحب المعرفة؟
لو افترضنا أن دراسة الفرد لتخصصات مختلفة عن بعضها البعض يدخل تحت مبادىء فكر ريادة الأعمال، والتي من أهمها أن انتقال الإنسان بين التخصصات بسهولة، يتيح له الاستثمار في المجال الذي يقتنع به، ويريد طرقَه، ولديه معلومات ومعرفة به؛ وبذلك يستثمر الإنسان قدراته وإمكانياته كاملة في مجالات مختلفة، علمًا بأنه قد لا يكون هناك روابط بين هذه المجالات، سوى رابط واحد درسه الإنسان بتعمق.
يعيدنا هذا إلى الحضارة العربية الإسلامية، التي بنظرة تحليلية نجد أنها طبقت فكر ريادة الأعمال بمفهومه الواسع الذي يتيح للفرد الانتقال بين التخصصات دون قيد، طالما أن الرغبة في المعرفة، وحب العلم والبحث والدراسة الفعلية متوفر الفرد.
القاسم المشترك لجميع علماء الحضارة الإسلامية، أن العالم بذاته- كحالة فردية – بحث ودرس وكان له إنتاج في علوم مختلفة، ربما أصبح مميزًا واشتهر في علم دون الآخر، إلا أن المؤكد أنه قام بالبحث والدراسة في علوم مختلفة، قد تتباعد أو تتقارب، وقد يكون أو لا يكون بينها صلة.