كلاي فورس برج
كاتب أمريكي، مبرمج ، يعمل في مجال الإعلان والتسويق ، يمتلك شركة توظيف ، ناشر كتاب “LA Finder”، مهتم بالتآزر الاجتماعي و الطاقة البديلة و إصلاح التعليم، و العمل التطوعي: https://www.linkedin.com/in/clayforsberg
التعاطف و التجارب المشتركة
” أنا لا أسأل الشخص المجروح كيف يشعر، وأنا نفسي قد أصبح هذا الشخص المجروح” : مقولة قالت قايتمان
المجتمع لديه مشكلة مع الصوامع، و لا أقصد تلك التي يضع فيها الفلاحين الحبوب أو الذرة، بل أعني الصوامع مجازا، وسواء كان ذلك في حي أو بلدة أو مدينة، يبدو أننا ننظر إليها باعتبارها كيانا منفصلا، مثل الكثير من الصوامع المغلقة، إننا نعتبر الأمة مغلقة بحدودها. ونحن نفترض أنهم منحسرين و متدفقين، متخذين قرارات بمحض إرادتهم. ولكن في الحقيقة أليست مجموعة من العلاقات. العلاقات التي يمليها الناس كأفراد بالتفاعل مع بعضهم البعض؟ والتفاعل الواحد بين اثنين من الناس على نحو صائب (أو خطأ) يمكن أن يغير الديناميكيات الكاملة لما تم تضمينه داخل صوامعهم.
وفي الحالات الأكثر تطرفا، فإن واحدة من هذه التفاعلات يمكن أن تغير اتجاه صنع القرار (أو السياسة) للأمة بأكملها، و لقد رأينا ذلك في الشرق الأوسط والصراع حول الدولة الإسلامية في العراق و الشام، حيث تسبب مقتل فتاة واحدة أمريكية شابة في قلب كثير من الموازين حتى أن كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية اتفق بالإجماع على السماح لرئيس الجمهورية بإرسال قوات جديدة برية الى العراق وسوريا، وكيف يمكن أن ننسى كيف بدأت الحرب العالمية الأولى. حيث كان اغتيال دوق النمسا ( أيا كان وصفه ) قبالة سلسلة من العمليات العسكرية لم يسبق لها مثيل بواسطة تحالفات متشابكة.
ومع رفاهية مجتمعاتنا التي تعتمد على العلاقات الفردية والأحداث التي تنبع منها، ألا يكون من الأنسب أن نناقش طرق إنشاء ديناميكيات إيجابية وإنتاجية في الأحياء التي تشكل مجتمعاتنا؟ ألا ينبغي أن نهتم بكيفية تفاعل و تواصل الناس في مجتمعاتنا؟ وحتى هذا التصريح الذي يبدو أكثر لطفا، فإنه يبدأ بتأثير مثل “تأثير الفراشة” لعواقب غير مقصودة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها. وعلى الرغم من أننا لا يمكننا التوسط في كل ما يحدث في مجتمعنا، فلسنا بحاجة إلى كل ذلك. نحن بحاجة فقط لتوفير برنامج أو “مساحة ” تشجع على التفاعلات التي تكون مثمرة وتآزرية قدر الإمكان، و ربما يمكننا تحقيق أقصى قدر من مواردنا وإدراك إمكانياتنا بدلا من التخفيف باستمرار للأضرار الناجمة عن التفاعلات العدائية. أو الأسوأ من ذلك تجاهلها والسماح بزيادتها “أنت لن تفهم حقا شخص ما حتى تفكر في الأشياء من وجهة نظره هو، حتى تتخلل جلده و تتجول فيه” مقولة أتيكاس فينش
قلب أي علاقة هو الاتصال، وقلب أي اتصال هو فهم الشخص الآخر، أو التعاطف معه، فالتعاطف هو القدرة على محو نفسك من وجهة نظرك الخاصة و “ارتداءك لحذاء الآخرين”، أو”رؤية العالم من خلال أعينهم”، و هذا ليس بشئ سهل، فمن الأسهل أن تصعد على المنبر الخاص بك، وتقوم بالوعظ، والسماح للأيديولوجية بأن تتولي الأمر. مهما كانت النوايا الحسنة. التعاطف ليس شفقة. وبالرغم من ذلك، أرى أن الطريق إلى التعاطف يكون مثل التجارب المشتركة بعضها مع البعض، فلا يكفي إلقاء نظرة على العالم على “الجانب الآخر من المسارات” حيث ينبغي عليك أخذ المخاطرة بالفعل، و العبور خطوة للنظر إلى العالم من الجانب الآخر، لقد جعلت ظاهرة “التجارب المشتركة” عضو الكونغرس باتريك مورفي من ولاية ماساشوستس يتصدر عناوين الصحف منذ عامين حيث نام في شوارع بوسطن ذات ليلة لمعرفة ما كان عليه من هم بلا مأوى…لقد عاش مثلهم بلا مأوى و هذا ما يسمي “التجربة المشتركة” و لو كانت ليوم واحد فقط، وأنا متأكد من أن التجربة لن تغادره ونأمل أنها غيرت وجهة نظره ورؤيته للسياسة العامة و إجراءاتها وفقا لذلك. ومع ذلك الجهد النبيل الذي بذله مورفي، إلا أنهم مازالوا بلا مأوى فلقد علم انه كان لديه مكانا للذهاب إليه بعد تلك الليلة التي قضاها في البرد، و علم أن الجوع الذي شعر به سوف يمر في أقرب وقت بمجرد أن يريد ذلك. إن الجهد الذي اضطر إلي بذله تعين عليه اتخاذ مكان آمن حني يستطيع أن يغلق عينيه (و الحديث نسبيا)، و مع ذلك لم يتكرر في الليلة التالية.
“إن أكبر فائدة يمكنك القيام بها لشخص آخر ليست مجرد مشاركة الثروات الخاصة بك، ولكن أن تكشف له عما يملك من قدرات “.. مقولة بنيامين دزرائيلي
كل فرد من أفراد مجتمعاتنا هو فريد من نوعه ويضيف إلى نسيج المجتمع، و كل شخص لديه شيء ليقدمه، ويجب أن يستمع إليه الجميع – بغض النظر عن السن أو المكانة الاجتماعية. و الأمر متروك لنا كأفراد، وكمجتمع محلي وكمجتمع لنكتشف ذلك الشئ ونساعدهم على ذلك، ليس لأن ذلك الشئ يفيدهم فقط ولكن أيضا لأنه مفيد لنا جميعا . ويمكن أن يؤخذ التعاطف إلى المستوى التالي عندما تتكاثر أحد هذه “التجارب المشتركة” وينضم شخص ما إلى عالمهم لفترة أطول من الزمن.. و “عالم التجربة ” ليس بقضاء ليلة مع شخص بلا مأوى، ولا أن تكون بلا مأوى .. انها مشاركة عالمهم لدرجة أنه لا يوصف بأنه عالمهم … ولكن يوصف بالعالم الذي تعيش فيه أيضا.
- كوتون وود : “منطقة غابات حور أمريكا الشمالية“
قبل بضع سنوات ذهبت فيما ما أسميه رحلة البدو، و في الواقع، كنت بلا مأوى لمدة ثلاث سنوات – واحدة ممن كانوا معي هي ابنتي أليكس، التي أكملت دراستها في جنوب كاليفورنيا، بعض من الوقت قضيناه في الأوتيلات وبعض من الوقت قضيناه في خيمة جميلة. انهارت شركة التوظيف الخاصة بي، تغيرت مجموعة من الاقتصاديات، وحدثت تغيرات في مكانتي (في الطباعة)، وربما أكثر من أي شيء .
فقط كوني محترق بعد خمسة عشر عاما من المشاحنات مع المنتج والناس، ودون الخوض في التفاصيل حول القمم والوديان في حياة غير مستقرة وغير مؤكدة، فأنا لا أريد أن أشارك تجربتي في “كوتون وود”. و بعد انتهاء اليكس من دراستها و انتقالها إلى واشنطن (للعمل بشركة آبل)، أقمت في الخيمة وحدي و كان المخيم الأخير الذي كنت أعيش فيه على بعد، حوالي ساعتين شمال لوس انجلوس.
تعطلت سيارتي، لذلك ربطها بسيارة اثنين ممن كانا أيضا في رحلة للبدو. بعد هبوطهما في منطقة كوتون، حيث غادروها بعد نحو أسبوع لمغامرة أخرى على نيو اورليانز.. وبقيت، وحدي بدون عناية على بعد حوالي عشرة أميال من الحضارة مع زملائي من البدو المنتشرين في جميع أنحاء المخيم.
والمثير للسخرية، أن ” كوتون وود ” مجتمع متماسك كالعقدة. اضطررت للعيش في مثل معيشة رعاة البقر القديمة كان هناك جورج وكيني، 30 عاما خرج لتوه من حالة مرضية، وكان هناك آخرون من جميع الأنواع… وكانوا جميعا جيراني وأصدقائي.. كنا نثق بعضنا ببعض، و تشاركنا القصص كل عشاء والأهم من ذلك كله أننا كنا نتشارك الأحلام أيضا. لا أحد منا كان يعتقد أنه يمكن أن يعيش نمط الحياة البدوية إلى الأبد. بعد شهر ونصف،قررت أنا وكيني،و جورج انهاء الأمر لإنشاء وإدارة “KOA” مخيم جديد على بعد ساعة من الطريق.
وبعد بضعة سنوات في وقت لاحق اكتشفت بعض المقارنات التي مرت بنا في الأوقات التي تشاركناها في ” كوتون وود ” .. حيث لم تختلف تلك المنطقة عن أي مجتمع آخر ، فعادة نفقد عدد قليل من الناس ممن شاركونا عالمنا .. و لا واحد في كوتون وود كان يشبهني أو عاش تجارب مثل التي عشتها ، حيث كنت أعيش على شاطئ “نيوبورت بيتش”، على مياه منطقة الخليج أو في وسط مرتفعات مينيابوليس… ولم يكن لي تجارب مثل التي عاشوها، و لكن ذلك لا يهم ، بل في واقع الأمر كان ذلك أفضل، وأثرى حياتي منذ ذلك الوقت، فقد كان كل واحد في مجموعتنا شئ فريد من نوعه و أضاف قيمة لنسيج عالمنا في الكوتون وود
- إعادة بناء ”دائرة الوسط” باستخدام مفهوم “التجارب المشتركة”
و هو مفهوم تقاسم “عوالم التجربة” و هي تبدو منطقية إذا أردنا فقط إعادة بناء علاقات “دائرة الوسط” التي نحتاجها كأساس في علاقاتنا مع جيراننا و مجتمعاتنا. نحن بحاجة إلى استخدام “التجارب المشتركة” لإعادة بناء مجتمعاتنا، حتى لو كانت هذه “التجارب المشتركة” هي قصيرة مثل النزهات لأنها توفر لنا فرصة ثمينة للاتصال مع هؤلاء الذين كان من غير المحتمل أن نتواصل معهم بخلاف ذلك.
من المهم التفات كثير من الناس لما يشتركون فيه مع الآخرين بمحض إرادتهم (بما في ذلك السن)، بل واتخاذ هذه الفرصة لخطوة خارج منطقة الراحة الخاصة بهم، فإذا لم نتخذ هذه الخطوة وحدنا، فكيف يمكننا حقا التعاطف واكتساب الثقة اللازمة لإجراء محادثات بناءة، والأحاديث المطلوبة لبناء العلاقات اللازمة لخلق التوافق والتعاون اللازم للأحياء والمجتمعات التي تخدم جميع سكانها.