يتفق الخبراء والباحثون على أن الإبداع والابتكار ليسا مقتصرين على الأعمال والمشاريع والمنتجات الهادفة للربح، ويرون أن قيمتهما تصبح أكبر في مبادرات المسؤولية المجتمعية المقدمة للمجتمع؛ وهو ما قد تغفله بعض المنشآت عندما لا تقوم بدراسة احتياجات عملائها، أو المستفيدين منها، أو احتياجات المجتمع المحيط بها.
وللمسؤولية المجتمعية علاقة وثيقة بالإبداع والابتكار، لاسيما وأن تأثيرها على المجتمع أكثر وقعًا؛ وبالتالي سيكون للمنشآت التي تقدم منتجات مبدعة ومتميزة، دور هام في حياة المجتمع.
تُعد المسؤولية المجتمعية من القضايا الأساسية التي ينبغي إعطاؤها أهمية كبيرة، لاسيما في مجال الابتكار والإبداع والذي يُمكِّن المنشآت -بحسب الخبراء- من الاستغلال الأمثل لقدراتها وإمكاناتها، بحيث نُقدِّم خدمات ذات قيمة للعملاء، مشيرين إلى أن هناك كثيرًا من المجالات التي يمكن الابتكار فيها؛ كالخدمات وآليات العمل وغيرها.
وفي هذه القراءة السريعة، نستعرض مسؤولية المنشآت في تعزيز الإبداع والابتكار؛ إذ يرى الخبراء أن الأفكار الإبداعية تصدر من الأفراد، بينما يأتي الابتكار غالبًا من خلال المؤسسات والمنشآت المحتضنة لتلك الأفكار الإبداعية.
والإبداع في أبسط صوره؛ هو تحويل الأفكار الجديدة والأفكار الخيالية إلى واقع؛ إذ يرتبط الإبداع بالابتكار من خلال استخدام أساليب جديدة مختلفة، بعيدة عن التقليد، تستخدم لتطوير الأشياء والأفكار.
وتشير الدراسات إلى أن الإبداع عبارة عن مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا وجدت بيئة مناسبة، يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتائج أصيلة ومفيدة للفرد، أو المنظمة، أو المجتمع، أو العالم.
وغالبًا مايولِّد الإبداع توليد شيئًا جديدًا غير مسبوق، أو دمج مجموعة أفكار بطريقة جديدة، أو إيجاد استخدامات جديدة غير متعارف عليها، أو نقل أفكار موجودة أصلاً ومتداولة إلى مستفيدين آخرين أو أشخاص جدد.
وينتج الابتكار من خلال تخصيص وقت، وبذل جهد في البحث عن فكرة ما، ثم تخصيص وقت، وبذل جهد في تطويرها، ثم تخصيص وقت أطول ، وبذل جهد أكبر في تسويقها، خاصةً إذا علمنا أن جميع الابتكارات تبدأ أصلًا بأفكار إبداعية.
ويخلص الخبراء إلى القول بأن الابتكار؛ عبارة عن التطبيقات الناجحة للأفكار الإبداعية في أي مؤسسة أو منظمة أو مرفق. ومن هنا يكون الإبداع انطلاقة للابتكار، فهو ضروري للابتكار، ولكنه غير كافٍ في حد ذاته؛ إذ ينبغي فحص الأفكار وتجريبها على أرض الواقع؛ للتعرف على فعاليتها، والعمليات المرتبطة بها وطرق إدارة هذه العمليات بأقل تكلفة وجهد.
ودائما ما يؤكد الخبراء على عدة إجراءات لدعم وتعزيز الإبداع والابتكار، أبرزها التخلي عن المركزية وتشجيع الإبداع والابتكار؛ عبر تعزيز المهارات الابتكارية، وخلق بيئة إبداعية، ودراسة الواقع، والاستفادة من التجارب والممارسات المشابهة، والتركيز على الابتكار في المشاريع والأنشطة والبرامج، إلى جانب تعزيز المهارات والكفاءات لدى العاملين، والحرص على إيجاد بيئة تفاعلية، ودعم الإدارة العليا والتنفيذية للابتكار، فضلًا عن الحرص على مواكبة المتغيرات العالمية والتطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم.
وتظهر أهمية الإبداع والابتكار في المنشآت، بالنظر إلى أهمية الحفاظ على قوتها وضمان استمرارها قوية مؤثرة. وحتى تحقق أية منشأة مفهوم “المؤسسةالخلاقة المبدعة” يجب أن يكون الإبداع والابتكار والتجديد سمات مميزة في أدائها، وهدفًا تصبو إلى الوصول إليه دائمًا، وتحقيق نجاحات جديدة من خلاله.