لا شك في أنَّ الاحتفال السنوي بالأسبوع العالمي لريادة الأعمال يحقق فوائد كثيرة للمشاركين، من رجال أعمال وشباب وسياسيين ومهتمين بالتنمية الاقتصادية عامة، والبشرية خاصة، بما يدعم قدرة الاقتصاد الوطني لأي دولة على المنافسة داخليًا وخارجيًا؛ من خلال منتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ تنبع أهمية الاحتفال بهذا الأسبوع مما تحققه مشروعات الريادة من نجاحات قد تعجز عنها المشروعات الكبيرة.
بعد مرور نحو عقد من الزمان على إطلاق أول مبادرة للاحتفال بهذا الأسبوع في المملكة المتحدة عام 2008، والتي كان هدفها تعريف المجتمع الدولي بفوائد ريادة الأعمال عبر عقد أنشطة وفعاليات مختلفة- الأمر يحفز الشباب على استكشاف أفكار مشروعاتهم؛ من خلال مشاركة خبراء الريادة وصناع السياسات ومسؤولي التعليم- نجد أنها حققت كثيرًا من أهدافها من حيث حجم من انخرطوا في الأنشطة الريادية وتنوعها السلعي والجغرافي؛ حتي بلغ عدد الدول المشاركة نحو مائة دولة خلال عقد من الزمان.
ولعل هذا الانتشار يتيح للمشاركين الاطلاع على المشاريع والأفكار الريادية التي قد توفر فرصًا استثمارية عظيمة، بتحويلها إلى مشروعات عملاقة؛ مثل شركة آبل التي بدأت كمشروع صغير، ثم أصبحت من أكبر الشركات في العالم.
ويؤدي نشر ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب إلى زيادة أعداد المنخرطين في هذا المجال؛ وبالتالي توليد أفكار إبداعية تحقق العديد من الأهداف الاقتصادية، في مقدمتها مواجهة ظاهرة البطالة، فضلًا عن تحقيق أفضل استخدام للموارد الاقتصادية وزيادة إنتاجيتها بما يعود على الاقتصاد بفوائد كثيرة، ويدعم آليات نموه، ويسرع من معدلات النمو الاقتصادي.
ويساهم الاحتفال السنوي برواد الأعمال- وتجميعهم في فعاليات مباشرة- بقوة في تسليط الضوء على قصص نجاح رواد الأعمال، بجانب الدروس المستفادة من بعض إخفاقاتهم، بما يدعم ويتكامل مع توجه نشر ثقافة ريادة الأعمال والعمل الحر، وتسليط الضوء على الدور الحيوي والفاعل لمشروعات ريادة الأعمال في تحقيق ثروات كبيرة تدعم الحافز لاستقطاب كثير من الشباب نحو هذا المجال؛ ما يحقق في النهاية التوسع في هذه المشروعات، وما ينعكس بدوره إيجابيًا على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
على الرغم من الانتشار الذي حققته فعاليات الاحتفال بالأسبوع العالمي للريادة، لكن هناك تحديات أظهرها التواصل بين رواد الأعمال من خلال استعراض مقومات النجاحات وأسباب التعثر بينهم، أهمها: صعوبة وبطء إجراءات التأسيس، والاستعانة بالعمالة الأجنبية الماهرة وما يترتب عليها من أعباء مالية، وتعاظم مخاطر الإفلاس التي تواجه المشروعات الريادية، وضعف خبرة رواد الأعمال بما يدفعهم إلى التوقف عن المشروع مع أول تعثر يواجههم، وضعف القوانين المتعلقة بتوفير الحماية لابتكارات رواد الأعمال، والمتطلبات المالية الكبيرة التي يحتاجها المشروع حتي يحقق النجاح، وانخفاض مهارات التسويق، وعدم الإلمام بالأسواق الداخلية والخارجية المناسبة لتلك المشروعات.
من هذا المنطلق، يجب على الدول اتخاذ السياسات والإجراءات والآليات المناسبة لمواجهة هذه التحديات والتي يتلخص أهمها في : زيادة الوعي بأهمية ريادة الأعمال والعمل الحر، وتدريب رواد الأعمال وصقل مهاراتهم لتشغيل وإدارة مشروعاتهم من خلال تقديم الدعم الفني والتوسع في حضانات الأعمال، ودعم المشروعات الريادية بالتمويل المالي المناسب، ووضع الأطر التشريعية لتوفير حماية ابتكارات وأفكار رواد الأعمال، وتدريب وتأهيل رواد الأعمال على كيفية خلق واستغلال الفرص وتلافي التهديدات لتجنيبهم التعثر والفشل، وتقديم الدعم لرواد الأعمال لمساعدتهم في اختيار المشروعات التي تواجه أقل قدر من المخاطر.
وعلى الرغم من انتشار الاحتفالات بالأسبوع العالمي لريادة الأعمال، ومساهمة فعالياته في تحقيق التوسع في أعداد المنخرطين في مجال ريادة الأعمال، نجد أن عالمنا العربي والإسلامي بعيد عن واقع هذه الاحتفالات، سواء على المستوي الرسمي أو الإعلامي.
إنَّ من أهم الرسائل التي يمكن بثها خلال هذه الفترة هي التوجه إلى قادة حكومات الدول العربية والإسلامية سواء مجتمعة أو كل دولة على حدة؛ ليهتموا بفاعليات هذا الأسبوع كمدخل للاندماج في عالم الريادة، خاصة مع التوجه نحو مجتمع واقتصاد المعرفة، فضلًا عن استثمارها في التعرف على الأفكار الريادية والابتكارات المتميزة، ولاسيما في مجال الأعمال والتكنولوجيا الذي أصبح من أفضل مجالات ريادة الأعمال؛ ما قد يساعد في تحقيق أثر إيجابي قوي على الاقتصاد القومي، وتوفير فرص لتبادل الأفكار التي يمكن أن تحول إلى شركات ناجحة أسوة بشركات عملاقة بدأت بمشروعات صغيرة .
تعليق واحد
بالتوفيق د سويلم… أرق أمنياتي لسيادتكم