نيوم..نحن اليوم، هذا ما أستطيع فهمه باختصارٍ من الإعلان عن هذه المدينة الجديدة، فولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإعلانه عن هذا المشروع يختصر الزمنين؛ الماضي الذي أضعناه، والمستقبل الذي نصبو إليه، ويعلن عن فكرٍ سعوديٍ جديدٍ قديم؛ فكرٍ يسعى للتطور والتطوير، ويؤمن بأننا نستحق الأفضل، وسنعمل لنكون أفضل.
تتمتع “نيوم” بمزايا الحلم للحالمين، والحقيقة للطامحين، فموقعها المميز ذو ميزة تنافسية عالية على المستويين الإقليمي والعالمي؛ حيث تتوسط العالم جغرافيًا، وتتمتع بمناخ جذاب معظم أيام السنة، كما تعد حلقة ربط بين أكبر قارتين في العالم، علاوة على أنها ستكون المعبر البري لأفريقيا بعد الانتهاء من جسر الملك سلمان الذي سيربط السعودية بمصر.
“نيوم”؛ أرضٌ بكر متنوعة التضاريس (سهول وجبال، سواحل وجزر، شواطئ وقيعان)؛ ما يعطي القائمين عليها الفرصة الكاملة لاستغلال كل مميزاتها الطبيعية، بما يتناسب مع الرؤية الطموحة ذات الأركان التسعة.
من خلال هذه الأركان التسعة، ستكون “نيوم” مصدرًا للفكر والابتكار والإنتاج؛ جاذبةً للكفاءات؛ مولدةً للفرص؛ منارةً للمعرفة؛ رافدًا لاقتصاد يرتكز على العلوم، بمعايير جديدة للإدارة والابداع، ونموذج هام مبتكر متكامل لـ Ecosystem طموح في منطقة تحتاج نماذج خلّاقة تطلق طاقات شعبٍ طموحٍ متحفز.
وتكمن الركيزة الأساسية في رؤية هذه المدينة اليافعة، في المعرفة؛ ذلك المورد الذي لا ينضب، والذي يجعل منها وجهة أساسية للعقول المبدعة، ويصنع “اقتصاد وفرة” يتنامى ويغذي ذاته ومحيطه؛ ذلك الاقتصاد ذو الموارده الذاتية، والتي كلما استهلكتها، تنامت وازدهرت لتكون منصة أوسع للفكر الخلّاق، فلا يوجد تأثير أقوى، ولا أهم من المعرفة.
ومن الواضح أن التخطيط لـ”نيوم” لم يكن وليد اللحظة، بل كان تخطيطًا شاملًا ممنهجًا، ذا تفاصيل عميقة ودراسات مستفيضة؛ لتدخل بنا نحو اقتصادٍ معرفيٍ متقدم، وتكون منصة لانطلاق الحالمين نحو “الوطن الطموح” المنفتح على العلوم والعوالم.
من المهم هنا أن ننوه إلى أن الحرية التي منحها سمو الأمير محمد بن سلمان لهذه المدينة لتكون ذات تنظيم مستقل، ليست حرية مطلقة، بل مقننة بنظام سيحكمها، مع مرونة تؤدي إلى الانفكاك من البيروقراطية المعطِّلة والقيود التي لا أساس لها، كما أن هذه التوجه من سمو ولي العهد سيحمل القائمين على “نيوم” مسؤولية مطلقة فلا حجة بعد اليوم تبرر الفشل.
لن تكون هذه المدينة جاذبة للعلم والعلماء والمفكرين فحسب، بل ستكون وجهةً سياحية هامة بما تمتاز به من تضاريس متباينة ومناخ معتدل، وبما سيتم خلقه من أنشطة جاذبة، ووجهات للراحة والاستجمام، كما أن موقعها الذي يتوسط العالم ويربط قارتين سيسهم في جعلها مصدر جذب للسياح من كافة أرجاء العالم.
“نيوم” الحلم الذي يلامس الحقيقة منذ ولادته فتصريحات سمو الأمير محمد بن سلمان المباشرة والواضحة والرصينة تدفعنا – بموضوعية – للإعجاب والثقة بالإرادة السياسية الرصينة، كما تجعلنا – كسعوديين – فخورين به، طامحين لمعاونته في مد جسور المستقبل. ولا أظن أن “نيوم” ستكون نهاية المطاف في فكر هذا الأمير، بل المؤكد أنها ستكون بؤرة العالم الجديدة.