كان مورليدر غوبتا جالساً مع صديق له على مقهى قريب من مدينة البندقية شمال إيطاليا ، عندما دخل رجل وطلب “فنجانين من القهوة، أحدهما على الحائط”، فأعطاه النادل فنجاناً واحداً وألصق ورقة على الجدار مدون عليها “فنجان قهوة”، و بينما كانا يشربان قهوتهما، إذ دخل زبائن آخرون المقهى و فعلوا الشىء نفسه.
يقول غوبتا: “وبعد بضعة أيام، بينما كنا نستمتع بشرب قهوتنا، دخل رجل تبدو عليه علامات الفقر، نظر إلى الحائط وقال للنادل: فنجان قهوة من الحائط، فقدم له النادل القهوة بشكل محترم، مثل أي زبون، ثم غادر الرجل المقهى دون أن يدفع ثمنها، فرفع النادل الورقة الموجودة على الحائط و ألقى بها فى سلة المهملات”.
يقول غوبتا: “هذا المظهر المحترم جداً في التعامل مع المحتاجين من سكان هذه البلدة أبكاني. إنها قصة رائعة، بل ربما تبدو شوطاً طويلاً من حياتنا اليومية. وحتى الآن، في سفرياتي أذهب للعمل مع كثير من المنظمات التي ترد الجميل للمجتمع بأساليبها الخاصة لرعاية التجمعات الصغيرة بجمع الطعام لبنك الطعام المحلي. عاصمة واحدة أنشأت ملعباً لكرة القدم والبيسبول بمقراتها الرئيسة في كل من ماكلين، وفيرجينيا، و افتتحته لاستخدام موظفيها وكذلك للجمهور، بالإضافة إلى مراعاة صحة العمال والمساعدة على تأسيس العمل الجماعي، وبذلك قدمت مساحة ترفيهية مطلوبة للمدينة.
وكذلك، موَّلت التعليم الجامعي لخريجي المدارس الثانوية في البلدة. وصدقوا أو لا تصدقوا أن أي طالب عاش في “إلدورادو” لمدة أربع سنوات على الأقل يمكنه الحصول على المنحة الدراسية بالكامل. هذا الكرم غيَّر المجتمع بأكمله، فأصبح أكثر من 95 % من خريجي المدارس الثانوية يذهبون الآن إلى الكلية (بارتفاع بلغت نسبته 60 % عن السنوات القليلة الماضية).
طُلب مني مؤخراً إعطاء ورشة عمل للقادة في “رود هاوس” بولاية تكساس خلال مؤتمرهم السنوي، فذهب الفريق إلى المنتجع الفخم هناك، ولكن الموظفين التنفيذيين و المديرين لم يجلسوا بجوار حمام السباحة، بل بالكاد قضوا وقت فراغهم في إعادة تجهيز الملعب بمشروع الإسكان العسكري المحلي، ما أتاح لأطفال الجنود اللعب في مكان آمن وممتع.
و في يوم حار و رطب، كان آلاف الموظفين يقومون بأعمال الدهان و الكنس والتصليح وإعداد الشرائح الجديدة وإعادتها بمئات من الطرق. واستطاع الموظفون تكوين صداقات قوية خلال عملهم، لا يمكن تكوينها في لقاءات الصالات المغلقة، فكانت الصداقات ملموسة في أفعالهم.
فهل يؤدي هذا النوع من الخدمة إلى ترابط الموظفين وخلق مستويات من الطاقة بداخل المؤسسة؟ يجب أن تصدق ذلك، بل أؤكد على أن هؤلاء القادة عادوا إلى مطاعمهم برغبة مشتعلة في العمل من أجل شركتهم التي تعتني بهم. وعلى كلٍ، عندما نؤمن بأن ما نقوم به أمر هام ، فإننا نحتضن عملنا برغبة أقوى و إنتاجية أكثر فيما يُعرف بمبدأ الكل رابح : ” a win-win “
الآن.. أحب أن أسمع منكم كيف قامت مؤسستكم بتغيير في المجتمع، وماذا تعني روح العمل بالنسبة لكم؟ .. ولاتنسوا أن فنجانا من القهوة قد يغير الحياة بأكملها.
شيستر التون
كاتب أمريكي ؛ مؤلف كتب “”What Motivates Me” & “All In ، صنف من أشهر الصحف الأمريكية بـ “المبدع ، المجدد ” ، وتُرجمت كتبه إلى 30 لغة ، وتم صُنِّف برقم 12 ضمن قائمة أكثر 30 من معلمي الأعمال التجارية على مستوى العالم ، وشريك مؤسس فى المركز الدولي ” The Culture Works ” [email protected]