يُثبت رواد الأعمال حول العالم، أن كل أمنية، وكل حاجة من حوائج البشر، يُمكن تلبيتها، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة التي تغزو العالم، وتُحدث أعظم التغيرات فقط بضغطة زر.
والمحظوظ هو من يقوده عقله إلى فكرة فريدة من نوعها، تطرح جديدًا على الساحة، وتلبي حاجة يبتغيها المستهلكون، ولكن الأكثر حظًا، هو من يترجم الفكرة إلى واقع ملموس.
” إيفان شبيجل”؛ شاب أمريكي دار بينه وبين صديقه الجامعي حوارًا، كان بمثابة شرارة أطلقت حماسه نحو تنفيذ فكرة غير مسبوقة عام 2011 وهي تطبيق “سناب شات”؛ أحد أشهر التطبيقات على مستوى العالم.
البداية
ولد إيفان شبيجل عام 1990، في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، لوالدين يعملان في مجال المحاماة، يتمتعان بقدر كبير من الرفاهية.
وفي مرحلة شبابه، التحق “شبيجن” بجامعة ستانفورد؛ لدراسة تصميم المُنتجات، وهناك التقى صديقيه: ريجى براون، وبوبى ميرفى.
صُدفة تولد فكرة
كان يتحدث “شبيجل” مع صديقه “ريجي براون”، فطرأت على باله فكرة محو كافة الصور المُضحكة التي أرسلها إلى أصدقائه؛ حتى لا تظل مصدرًا دائمًا للسخرية.
توقف “شبيجل” أمام جملة صديقه، مُتسائلًا حول كيفية ترجمة تلك الأمنية –التي بالتأكيد راودت الكثيرين قبله- إلى واقع ملموس.
هكذا أطلق “براون” جملته العابرة على مسامع “شبيجل” لتُصبح بمثابة الشرارة التي أشعلت حماسه نحو مشروع ريادي فريد من نوعه، وهو تطبيق إلكتروني يتحكم في مدة إظهار وإخفاء الصور بصورة تلقائية وإلى الأبد.
التجربة والفشل
بالفعل، بدأ الأصدقاء الثلاثة “شبيجل” و”براون” ، و”بوبى ميرفى”، تنفيذ التطبيق باسم “Picaboo “، لكنه قوبل بانتقادات كثيرة، ولم يلقَ النجاح المنشود.
مثابرة وإصرار
ترك “شبيجل” دراسته الجامعية، منطلقًا نحو عالم ريادة الأعمال، وتعاون مع أصدقائه لتطوير التطبيق تقنيًا على أن يتضمن وسائط متعددة، وإجراء محادثات باستخدام الصور.
وفي عام 2011، خرج التطبيق إلى النور تحت مسمى ” Snapchat” ، والذي يعتمد على تداول الوسائط لفترة زمنية محددة، على أن يتم حذفها فيما بعد بصورة آلية، وإلى الأبد.
لاقى التطبيق إعجاب الكثيرين، وفي عام 2012، بلغ عدد الوسائط المتداولة عبر التطبيق إلى 20 مليون صورة يوميًا، بعد إضاف ميزات أخرى؛ مثل My story ، وخاصية التواصل عبر الفيديو.
عرض شراء من “فيس بوك”
في عام 2013، حصل “شبيجل” على جائزة Crunchies لأفضل تطبيق للهواتف النقالة، ثم عرضت شركة “فيس بوك” 3 مليارات دولار لشراء التطبيق الذي تزداد شعبيته يومًا بعد يوم، إلا أن “شبيجل” رفض العرض؛ نظرًا للمستقبل الواعد الذي كان ينتظر مشروعه الجديد.
النضج وبلوغ القمة
في عام 2016، أصبح Snapchat الأكثر انتشارًا وتحميلًا في 28 بلدًا حول العالم، كما بلغ عدد مشاهدات الفيديوهات عبر التطبيق 10 مليارات مشاهدة في اليوم الواحد.
ارتفع عدد المستخدمين النشطين يوميًا على Snapchat بنسبة 14 % على أساس سنوي إلى 397 مليونًا، متجاوزًا توقعات وول ستريت عند 394.8 مليون.
وأرسل أكثر من 150 مليون شخص أيضًا أكثر من 10 مليارات رسالة إلى My AI، الروبوت Snap الذي يعمل بنظام ChatGPT والذي تم إطلاقه في فبراير الماضي.
ومن جانبها، وقالت الشركة إن هذه المحادثات ستساعد Snap على معرفة المزيد عن اهتمامات المستخدمين وستؤدي إلى المزيد من الإعلانات ذات الصلة، مضيفة أنها تختبر الروابط الدعائية في ردود My AI.
وقدرت شركة Snap الواقعة في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، إيرادات الربع الثالث بما بين 1.07 مليار دولار إلى 1.13 مليار دولار، وكان المحللون يتوقعون إيرادات بقيمة 1.13 مليار دولار، في الطرف العلوي من نطاق التوجيه.
وفي وقت سابق من هذا العام، قامت الشركة بتحديث نموذج التعلم الآلي الخاص بها لتقديم المزيد من العروض الترويجية ذات الصلة للمستخدمين، والتي قالت Snap إنها قد تتسبب، على المدى القصير، في أن يرى عدد قليل من أكبر معلنيها “إجراءات” أقل، مثل نقر المستخدمين على الإعلانات أكثر مما فعلوا سابقًا.
صفات ريادية
- الإصرار والمثابرة: لم يستسلم “شبيجل” لفشل مشروعه في المرة الأولى، بل سعى لتطويره بما يتلاءم مع احتياجات العملاء؛ حتى بلغ مراده، وحقق النجاح المنشود.
- روح الفريق: كان “شبيجل” صاحب فكرة تطبيق يحذف الصور بصورة آلية بعد فترة زمنية محددة، لكنه لم يكن خبيرًا في مجال التقنية؛ ما دفعه للاستعانة بزملائه من ذوي الخبرات الفنية، مدركًا أن سر النجاح يكمن في روح الفريق والتعاون وتضافر الجهود؛ ما أدى بالفعل إلى تقدم مُبهر.
- الثقة في قدرات الذات: لو لم يكن “شبيجل” يتمتع بقدر كبير من الثقة في النفس، ويؤمن بقدرته على تحقيق فكرة- كانت حين بزوغها في خياله ضربًا من ضروب الخيال- لما ترك دراسته الجامعية، متوجهًا بكامل طاقته وعزيمته نحو تأسيس مشروعه؛ ليثبت أن الثقة في النفس من أهم سمات رواد الأعمال الناجحين.
دروس من نجاح مؤسس سناب شات
ويرصد «رواد الأعمال» بعض الدورس المستفادة من نجاح مؤسس سناب شات، وذلك على النحو التالي..
-
التجربة هي الأهم
الدرس الأول الذي يمكن تعلمه من قصة نجاح مؤسس سناب شات أن الدرجة العلمية لا تهم كثيرًا، لكن التعويل كله على التجربة، فهذا الرجل ترك الدراسة في جامعة ستانفورد، وقرر التركيز على مشروعه.
وعلى الرغم من ذلك لم يكن إيفان شبيجل كسولًا؛ فقد أخذ عدة دروس عززت مهاراته في تصميم المنتجات، بما في ذلك فصل بمركز الفنون بكلية التصميم في باسادينا، ودورتان للتعليم المستمر في كلية أوتيس للفنون والتصميم بلوس أنجلوس. وتخصص في تصميم المنتجات بستانفورد.
ولكنه قرر ترك الدراسة والتفرغ للمشروع، وهو ما يعني أن الدرجة العلمية وحدها لا تعني شيئًا، وإنما المهم الخبرة والتجربة، وهذا هو أول درس نتعلمه من قصة نجاح مؤسس سناب شات.
-
التعلم من الأخطاء
لا يمكنك التراجع عن الأخطاء التي ارتكبتها، ولكن يمكنك دائمًا الاعتذار والأمل في الأفضل، هذا هو ثاني درس نتعلمه من قصة نجاح مؤسس سناب شات.
ومن المعروف أن الأخطاء قد تؤدي أحيانًا إلى بعض من أفضل التغييرات؛ إذ جاء الإلهام لإيفان شبيجل من خلال خطأ ما؛ فقد تناقش المؤسس المشارك “Reggie Brown” مع “شبيجل” حول صورة تمنى ألا يرسلها إلى شخص ما. ووفقًا لمقال فوربس قال براون شيئًا على غرار “أتمنى أن يكون هناك تطبيق لإرسال الصور المختفية”، وكانت تلك بداية قصة نجاح مؤسس سناب شات.
-
التفرد والقيمة المضافة
كل عمل مبتكر لديه منتجات أو خدمات لتمييز نفسه عن منافسيهم. بالنسبة لهذا النوع من الشركات في اللحظة التي يبدأون فيها في الابتعاد عن الأشياء التي تجعلهم متميزين عن غيرهم فإنهم يضعون أنفسهم في موقف محفوف بالمخاطر.
حتى الآن تمسك مؤسس Snap بتفرده جيدًا، فقد تجنب مقارنة نفسه بفيسبوك أو التأثر بالحركات التي يقوم بها مارك زوكربيرج؛ من حيث كونه تطبيقًا لوسائل التواصل الاجتماعي يتمحور حول الخصوصية والحصرية مقابل الرؤية المفرطة، فإنه يعرف أنه مختلف ويقبل بذلك.
يحب عملاؤك الأشياء التي تجعلك مختلفًا -هذا درس مهم نتعلمه من قصة نجاح مؤسس سناب شات- إذا لم تضمن لهم ذلك فلن يكونوا عملاء لك في المقام الأول.
-
لا تتعجل الربح
عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا فإننا نميل إلى التفكير في الأشياء على أنها ثنائية. إذا كانت إحدى الشركات تجني أموالًا أقل من الأخرى فإن تفكيرنا الثنائي يخبرنا بأن الشركة الأخيرة ستموت بالتأكيد. يتجاهل هذا التفكير حقيقة أن المجالات المتخصصة يمكن أن توجد داخل تطبيقات الوسائل الاجتماعية؛ إنه يتجاهل حقيقة أننا كمستهلكين نستخدم أكثر من تطبيق واحد خلال يومنا هذا.
الدرس الأساسي من قصة نجاح مؤسس سناب شات: إن مقارنة نفسك بالآخرين غير مجدية، وتعجل الربح محض خطأ، صحيح أنه من المستبعد أن يحقق سناب شات 27 مليار دولار في العام كما يفعل Facebook، لكن ليس على كل شركة أن تربح 27 مليار دولار سنويًا حتى يكون لها تأثير داخل الصناعة.
على سبيل المثال: رغم كل الحملات السلبية التي تم شنها ضد تويتر خلال فترة ما ينسى الناس أن الشركة ما زالت تحقق 2.5 مليار دولار من العائدات في عام 2016. وهذا مبلغ يفوق ما حققته سلسلة المطاعم الأمريكية “تاكو بل” في العام نفسه. هل نعتقد أن تاكو بل سوف تنهار في أي وقت قريب؟
اقرأ أيضًا: