يعمل على تحويل الفكرة إلى مشروع ضخم
دكتور طارق عُكير: تربية النعام استثمار يدر عائدات كبيرة ويوفر عملات للبلاد
المشروع يفتح قنوات تجارية وتسويقية للسودان
لحوم النعام صحية لمرضى السكري والضغط ..
تبدو بعض الأفكار في أحايين كثيرة صعبة التحقيق إذا نظرنا إليها من زاوية ضيقة وافق غير واسع، لكن إذا تحولت نظرتنا لتلك الأفكار إلى نظرة ثاقبة عميقة فقد نكتشف أنها أفكار لها سيقان وهي قابلة للتنفيذ بإشكال مختلفة متى ما وجدت الجدية والإصرار والتشجيع والدعم المعنوي والمادي، وكانت ذات جدوى اقتصادية ويمكن أن تسهم بطريقة أو أخرى في دفع عجلة الإنتاج أو توفير فرص عمل أو المساهمة في تطوير المجتمعات المحلية.
ولم تكن فكرة الدكتور طارق مصطفى عُكير المحاضر في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا كلية البيطرة بعيدة عن هذه المعطيات، عقب طرح فكرته في برنامج مشروعي بقناة النيل الأزرق، التي ينوي تحويلها إلى مشروع ضخم يهتم بتربية طائر النعام كفكرة تفوقت على باقِي أفكار المشاريع ووصل بها إلى القمة؛ ما جعل من طارق سيرة طيبة على لسان الجميع، متعجبين من تقديمه مثل هذه الطفرة الهائلة، التي تم من خلالها اختيار عمله ليشارك في معرض البحرين الدولي “مراعي” باسم السودان، وقد كان الهدف الواضح من هذا المشروع إدخال النعام منظومة الإنتاج الحيواني في السودان، التقينا الدكتور طارق في مكان عمله وطرحنا عليه مجموعة من الأسئلة التي تبلورت في الحوار التالي:
الخرطوم: أناهيد قسم السيد
عن فكرة المشروع وبداياته يقول دكتور طارق: جاءت الفكرة من خلال بحث مُعد لنيل درجة الماجستير، وقمنا بتحويل هذه الفكرة من أكاديمية إلى استثمارية بالاستفادة من الموارد المتاحة، ومن ثم قمنا بالمشاركة بهذا العمل في برنامج مشروعي، وقد وجد قبولا كبيرا من داخل السودان وخارجه، وكان هذا أمرا محفزا ومشجعا لنا حيث قدمت لفكرة المشروع للبدء في تنفيذها حيث قدمت للفكرة شركتان مقترحتان إحداهما من دولة البحرين وهي تتمثل في المساهمة في العمل الترويجي لمنتجات ومصنوعات المشروع، وأخرى والإمارات التي تتمثل في التكاليف الإنشائية، وهذا قد أضفى إلي روح التفاؤل، لتنفيذ كل مخططاتي عبر هذا المشروع الذي يعتبر بمثابة تحد.
علماً بأن هنالك عملية ترويجية سوف تجري إذ لا يقتصر مشروع عُكير على التربية فقط، ولا على الاستفادة من منتجات النعام المعروفة مثل الريش فتعدي المشروع هذا الجانب وهنالك الكثير من الأفكار التي شرع في العمل بها، وقد تم تنفيذها للاستفادة من منتجات طائر النعام من دباغة الجلود وصنع الأحزمة والحقائب الجلدية، إضافة إلى التحف والمناظر التي تم التسويق لها مسبقا وقد وجدت رواجا عالياً بأثمان مغرية، وهي تتمثل في تلوين ونقش بيض النعام غير المخصب بمشاركة فنانين تشكيليين.
وللحصول على أعلى معدلات إنتاج وزيادة عائدات المشروع تضمنت الجدوى الاقتصادية للمشروع ضرورة اختيار نوع معين من النعام فوقع الاختيار على أشهر أنواع النعام التجارية وهو النعام (أسود الرقبة)، الذي يتميز بكثافة إنتاجية عالية حسب التجارب السابقة، حيث ينتج من البيض ما بين (60-120)، في الموسم، وتم اختياره لأنه يتميز بسماكة جلد مناسبة وحجم كبير وهو النوع الذي تم اختياره لأنه غير مخيف.
بعد وضع جميع الأهداف والدراسات لتنفيذ مثل هذا المشروع لم يتخوف عُكير من الشكل البيئي كما أكمل لنا حديثة عن المشروع من الناحية البيئية قائلاً: من جهتي أرى أنه لا بد أن يصنف السودان من ضمن العشرة دول الأوائل لتربية النعام، نسبة لتوافر البيئة المناسبة، لأن النعام طائر صحراوي، ولا تهلكه الأجواء الحارة، وبعد أن تم استجناسه وتحويله من كائن بري شرس، إلى كائن لا يهاب تجمعات الناس أصبح من السهل أن نقوم بعملية تربية طائر النعام.
ويضيف: وكانت خطوة البداية هي امتلاك جوزين من النعام، ومن ثم قمنا بعملية (تفقيس بيض النعام) وتربيته إلى أن وصل حد الذبح، ومن هذه الخطوة قمت بابتكار حضانة لتفجير بيض النعام، وبدأ المشروع في التطور من خطوته الأولى، بدأنا بعملية الذبح ضمن الخطوات الأولى وأجرينا الكثير من الاختبارات طُبق أول اختبار بكلية البيطرة وهو تذوق لحم النعام، قمنا بطبخه على شكل (شاورما وأطباق متبلة بالصوص)، وقد وجد قبولا كبيرا من جانب الطلاب في الجامعة، حيث نجد أن لحم النعام يحمل جميع الخواص الفيزيائية والكيميائية، على ذلك فإنه صحي ويجمع بين فوائد اللحوم البيضاء والحمراء ويناسب مرضى السُكري والضغط.
أعمال عُكير
وبعد إكمال هذه التجارب وغيرها من تجارب ما قبل الشروع في التنفيذ شرعت أعمال عُكير في تنفيذ مشاريعها، وقام عُكير بوضع علامة تجارية وسجل الشركة، بـ(أعمال عكير التجارية)، التي تقوم بتصنيع الأحزمة والحقائب الجلدية كخطوة بداية، إضافة إلى دهن النعام الذي دخل في أغلب مستحضرات التجميل وأغلب الدهانات الطبية المعالجة للأمراض مثل الروماتيزم. الجروح والكسور. لأن هذا الدهن له مقدرة عالية لاختراق الجسم أي التغلغل بدخلة.
تكاليف إنشائية
حكى عُكير أن التكاليف الإنشائية أغلبها غير مكلفة مثل تكاليف مشاريع الدواجن، حيث قام بنفسه خلال إنشائه لمقومات المشروع بتصميم حاضنة لبيض النعام، وقام بتعديلها، إضافة إلى كاشف ضوئي بمواد محلية ومواد مستوردة بسيطة لمعرفة البيض المخصب وغير المخصب، وكشف عن اتفاق قام به مع شركة صينية لتنفيذ الحاضنات نسبة لتكاليف تنفيذها العالية.
الشكل الاستثماري
صنف دكتور طارق مشروعه قائلاً: المشروع يُعد ضمن المشاريع الاستثمارية البحتة، حيث تسهم عملية الترويج بشكل كبير جداً في الشكل الاستثماري، وتفتح قنوات تجارية تسويقية للسودان، وهنالك الكثير من المنتجات التي يمكن الاستفادة منها وبيعها مثل بيض النعام، وريش النعام ودهنه ولحمه وجلده، أما بالنسبة للجلد يعتبر أقيم منتج في النعام ويمكن تربية النعام، للاستفادة من جلده فقط، ويراوح سعر بيع المتر المربع الواحد من جلده ما بين (200-250) يورو؛ فلذلك يعتبر من المشاريع المربحة جداً غير أننا نجد أن وزن النعامة في خلال الشهور الأولى من عمرها (9-12) تراوح ما بين الـ (100-130) كيلوجرام، وهو حي، وبعد نسبة التصافي يصبح وزنها 60 كيلوجراما. وقد يعادل زبيحتين ونصف من الضأن.
رؤية مستقبلية
يبدو العكير متفائلا عندما يتحدث عن المستقبل بقوله: أعتبر أن مستقبل هذا المشروع واعد، لأنه يمد بمنتجات ذات عائدات كبيرة ويمكن أن تمد البلاد بالعملات الصعبة، ثم أن جلود النعام مرغوبة في إيطاليا وسويسرا وبلجيكا، الهند وباكستان والصين، وهذا يعني توافر طلب كبير على منتجات المشروع وهو ما يقود إلى زيادة كميات الإنتاج الأمر الذي يقود إلى توقير فرص عمالة. ويمكن النظر إلى أهمية المشروع من زاوية إمكانية تطويره ليصبح مشروعا رائدا؛ لأن هنالك الكثير من الجوانب والفرص التي تظهر من داخل هذا المشروع مثل صناعة الأغذية، أما من ناحية الجلود فقد ينعش المدابغ السودانية وتزداد كمية الصادر ويوفر نشاطا أكبر وفرص عمل أكثر. وهنالك فرص أيضاً للمهتمين بجانب الفنون والديكور، فهنالك كمية تخرج من بيض النعام ولا تؤخذ لعملية التفقيس بعد اختبارها ولا يمكن تفقيسها على ذلك فإننا نستفيد منها في عملية صنع التحف والمناظر.