في وقت أصبح فيه العمل التطوعي روح الفعل الإنساني في كل المجتمعات، ينشط كثير من الفرق التطوعية والجمعيات الخيرية بالمملكة في حراك دائم للعمل؛ إذ أكد خبراء لـ”رواد الأعمال” أن هناك عدة معوقات تحد من العمل التطوعي بالمملكة؛ منها عدم وجود تشريعات منظمة لعمل الفرق التطوعية، وعدم وجود استراتيجية واضحة لتحديد رغبات المتطوع ، كما قدموا توصيات من شأنها تطوير الحراك التطوعي بالمملكة.
في البداية، يقول سعد آل مرير؛ الرئيس التنفيذي لشركة نبع المسئولية للاستشارات والأبحاث، ورئيس المجلس الاستشاري لجمعية الخطوة لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة، إنه ليس هناك إطار محدد للعمل التطوعي حتى الآن، فكثير ممن ينتمون للعمل التطوعي بالمملكة يخفى عليهم أنواع العمل التطوعي، فهو ليس نوعًا واحدًا، بل مجموعة من الأعمال؛ إما أن تكون متخصصة أو عامة ، فالأولى مناسبة؛ لأن معلومات الشخص موجودة للجهة المستفيدة من المتطوع في مجال عمله.
ويوضح “آل مرير” أن عدم وجود استراتيجية لتحديد رغبات المتطوع وتفعيله عقبة أساسية تواجه مسيرة العمل التطوعي، إضافة لعدم وجود تشريعات منظمة لعمل الفرق التطوعية، وتوفير سبل المواصلات ، كما أن عدم انتشار ثقافة التطوع بالمجتمع، أدى إلى قصور فهم التطوع لدى كثير من الناس، مشيرًا إلى أهمية العمل التكافلي، وتضافر الجهود بين الجمعيات التطوعية التي تعمل في مجالات عمل متشابهة، لتقديم خدمة مميزة للفئات المعنية؛ إذ ينبغي أن يكون العمل التطوعي جزءًا من البناء والتطوير، مع وجود محفزات معنوية للمتطوع.
غياب التشريعات:
ويرى عدي الهمزاني؛ مسؤول التطوع بالجمعيات بحائل، أن العمل التطوعي أصبح أحد رموز تقدم الأمم، كما يعد أحد متطلبات الحياة المعاصرة ، مؤكدًا أن مركز حائل للعمل التطوعي يضم أكثر من 25 فريقًا تطوعيًا، و15 فريقًا مساعدًا، علاوة على وجود أكثر من 70 جمعية تطوعية بمنطقة حائل، مشيرًا إلى أن تجربة حائل للعمل التطوعي أصبحت رائدة لرقمنة خدماتها، واهتمامها بنشر ثقافة التطوع بالمنطقة عن طريق التدريب والتأهيل للمتطوعين.
وأضاف أن هناك عدة معوقات للعمل التطوعي بمنطقة حائل منها عدم قناعة بعض الفرق التطوعية بالعمل المؤسسي، وامتناع كثير من رجال الأعمال عن دعم برامج التطوع، وتأثير غياب لائحة تنظيم العمل التطوعي على انتظام الفرق التطوعية؛ ما أفرز انتشار الفوضى وسوء استخدام الأعمال التطوعية.
جهات مساندة:
ويكشف الدكتور حميد بن خليل الشايجي عن أن تزايد الطلب على الخدمات الاجتماعية نوعًا وكمًا، أصبح يشكل تحديًا أمام الحكومات؛ ما يتطلب وجود جهات مساندة للنظام الرسمي، خصوصًا وأن الهيئات التطوعية مفضلة على الهيئات الرسمية.
ويقول: إن التجارب أثبتت عدم قدرة الأجهزة الرسمية وحدها على تحقيق كافة غايات خطط ومشاريع التنمية دون المشاركة التطوعية الفعالة من المواطنين والجمعيات الأهلية التي يمكنها الإسهام بدور فاعل في عمليات التنمية لمرونتها وسرعة اتخاذ القرار فيها.
7 معوقات
ويوضح الشايجي أن المعوقات تتمثل في أمور متعلقة بالمتطوع نفسه، كالجهل بأهمية العمل التطوعي، وعدم القيام بالمسؤوليات المسندة إليه في الوقت المحدد؛لأنه يشعر بأنه غير ملزم بأدائه في وقت محدد خلال العمل الرسمي، والسعي وراء الرزق، وعدم وجود وقت كاف للتطوع، وعزوف البعض عن التطوع في مؤسسات بعيدة عن مسكنه، وتعارض وقته مع وقت العمل أو الدراسة، وسعى بعضهم لتحقيق أقصى استفادة شخصية ممكنة من العمل الخيري ؛ ما يتعارض مع طبيعة التطوع المبني على الإخلاص لله.
المنظمة الطوعية:
وحدد الشايجي معوقات متعلقة بالمنظمة الخيرية، منها عدم وجود إدارة خاصة للمتطوعين تهتم بشؤونهم وتعينهم على الاختيار المناسب بحسب رغبتهم، وعدم الإعلان الكافي عن أهداف المؤسسة وأنشطتها، وعدم تحديد دور واضح للمتطوع وإتاحة الفرصة للمتطوع لاختيار مايناسبه بحرية، وعدم توافر برامج خاصة لتدريب المتطوعين قبل تكليفهم بالعمل، وعدم التقدير المناسب للجهد الذي يبذله المتطوع، وإرهاق كاهل المتطوع بالكثير من الأعمال الإدارية والفنية.
ويذكر الشايجي معوقات أخرى متعلقة بالمجتمع كعدم الوعي الكافي، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، وعدم بث روح التطوع بين أبناء المجتمع منذ الصغر، وعدم وجود لوائح وتنظيمات واضحة تنظم العمل التطوعي وتحميه.
ويرى ألا تتخلى الحكومة عن مسؤولياتها تجاه قطاعات المجتمع واحتياجاتها وعدم الاعتماد كلية على القطاع التطوعي في القيام بكل المهام وتقديم كافة الخدمات،لأن له طاقة محدودة.
نتائج غير مرضية:
من جانبه يقول خالد الجميعة؛ رئيس مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية بذوي الاحتياجات الخاصة، أنه بالرغم من أهمية العمل التطوعي في المملكة ووجود العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية التي قدمت أعمالًا اجتماعية ومساعدات خيرية ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما تجاوزت ذلك إلى العالم العربي والإسلامي، إلا أن النتائج النهائية لأداء هذه المنظمات لم يرقَ لمستوى طموحاتها؛ وذلك لعدة عوامل يعود بعضها لمناهج وأساليب عمل المنظمات نفسها، وبعضها يعود لأسباب خارجة عن إرادتها تتعلق بالمجتمع والبيئة ، والنظم والقوانين التي تعمل في إطارها وذلك وفقًا لما أشارت إليه نتائج كثير من الدراسات .
نقص الموارد المالية
ويشير الجميعة إلى أن أهم المعوقات التي واجهت المنظمات التطوعية في المملكة عدم إدراك المجتمع بأهمية العمل التطوعي؛ ما يحول دون مساهمة المتطوعين بشكل فعال، وقصور وسائل الإعلام في تعميق فكرة التطوع في أذهان أفراد المجتمع، وعدم وجود إدارة خاصة للمتطوعين بالمنظمات التطوعية تهتم بشؤونهم وتساعدهم على اختيار المجال المناسب حسب تخصصاتهم ورغباتهم، ومعاناة هذه المنظمات من قصور في خبرة المتطوعين والقائمين على إدارتها، ونقص الموارد المالية، وضعف المشاركة في النشاط من قبل أعضاء المنظمة واقتصاره أحيانًا على أعضاء مجلس الإدارة، ونقص بعض مستلزمات النشاط وصعوبة الحصول على التسهيلات الرسمية لبعض الأنشطة أحيانًا ، وتركز واقتصار أنشطة المنظمات في المدن والمناطق الحضرية وابتعادها عن المناطق الريفية والبادية ، وعــدم وضــوح أهداف الجمعيات للأعضاء ولبقية أفراد المجتمع.
ويبين أن هناك دراسة عن مشاركة المرأة في الجمعيات الخيرية النسائية بمدينة الرياض أكدت أن 30 % من المتطوعات غير راضيات عن نظــام العضـوية والعمل بالجمعيات؛ لعدم وضوح أهداف الجمعية لهن، والظروف الأسرية الاجتماعية، ووجود أطفال والمسؤوليات الأسرية، ومعارضة الزوج.
توصيات لتطوير التطوع:
ويقدم الجميعة عدة توصيات لتطوير الحراك التطوعي بالمملكة؛ منها ضرورة دعم الدولة الرسمي للعمل التطوعي باستمرار من خلال الدعم المادي والتنظيمي والتشريعي، ودعم المؤسسات الأهلية ماديًا ومعنويًا وبشريًا وتقديم التسهيلات اللازمة لها، وأن على الجمعيات الأهلية بناء قاعدة علاقات وتعاون فيما بينها وبين أفراد المجتمع من خلال التعرف على أولويات واحتياجات المجتمع من المشاريع التنموية؛ ما يمكنها من نقل صورة واضحة لأصحاب القرار والمؤسسات الحكومية، وتعاون القطاع الخاص مع الجمعيات ذات النفع العام.
منتجات تطوعية غير واضحة:
ويرى الدكتور وليد الدايل؛ الرئيس التنفيذي لمجموعة الأعمال المساندة لتحقيق رؤية 2030 أن العمل التطوعي بالمملكة عريق جدًا، لكن اتضحت ملامحه أكثر بإطلاق رؤية 2030، مشيرًا إلى قول الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد بأن بالمملكة 11ألف متطوع، ونحتاج مليون متطوع في رؤية 2030.
وقال “الدايل” إنهم يقدمون ورش عمل لصناعة قادة الأعمال التطوعية للوزارات والشركات، وفرق تطوعية، وجمعيات خيرية، لإنشاء وحدات تطوعية مجانية بطريقة احترافية، ضمن منهجية الرؤية، ومساعدة كل من يرغب في معرفة ما يليه في الرؤية من أعمال، مع المساعدة في كيفية حساب الساعة التطوعية جهدًا ومالًا مجانًا.
وأوضح أن معوقات العمل التطوعي تتضمن عدم وجود نظام أساسي للمنظمة التطوعية، وعدم نشر ثقافة العمل التطوعي، وعدم وضوح منتجات التطوع، مشيرًا إلى أن نجاح عمل أي جهة تطوعية يتوقف على تحديد مفهومها للتطوع.
تحقيق: محمد فتحي