مجلس الشورى مدرسة جديدة بالنسبة لي
تبادل الخبرات مكنني من الإلمام بالقضايا الوطنية
نناقش كل القضايا بتناغم واحد
وجودنا دافع وداعم لقضايا الوطن والمرأة
الدكتورة ثريا أحمد عبيد لديها رؤى واسعة في نظرتها الكلية للأحداث والتفاعلات مع من حولها، فهي ابنة الغربة والبعد عن الديار لمدة زادت عن الستين عاما تمرست وتدربت على مدارس الحياة المختلفة، دعمت ذلك بشهادات علمية رفيعة فهي حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة
واين ديتروت، ولاية ميتشجان، بالولايات المتحد الأمريكية في الأدب الإنجليزي مع شهادة في الأنثرولوجيا الثقافية ودرجة الماجستير من الجامعة نفسها في التخصص نفسه، أما تعليمها قبل الجامعي فقد كان في الكلية الأمريكية للبنات بمدينة القاهرة في جمهورية مصر.
علمها الغزير وخبرتها الكبيرة وتميزها مكنتها من تقلد المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان ، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة وذلك بعد تقلدها المدير الإقليمي للدول العربية وأوروبا بصندوق الأمم المتحدة للسكان ونائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (أسكوا) التي تبوأت فيها مناصب مختلفة في عدة سنوات بدأت عام 1975م كمساعدة للشؤون الاجتماعية،برنامج المرأة والتنمية، (أسكوا).
عضويتها المتعددة في الكثير من المجالس واللجان قادتها لنيل العديد من الأوسمة والميداليات أبرزها دوليا الوشاح الأكبر لوسام الشمس المشرقة تقديرا لتعاونها المثمر في تطوير العلاقات بين المملكة واليابان .ولكن أهم تكريم لها هو قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود باختيارها كشخصية سنة 1434/2013 لمهرجان الجنادرية الثقافي ومنحها في نفس العام وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولي ومن ثم اختيارها مع 29 مواطنة ليشكلن أول مجموعة من النساء كعضوات في مجلس الشورى.
قلنا للدكتورة عبيد يعتبر يوم 11/1/2013محدثا مهما في تاريخ المملكة إذ شهد هذا اليوم إعلان تعين نساء في مجلس الشورى، والآن وقد مر على ذلك الحدث حوالي عام ونصف فما هو تقييمكم لتجربة وجود المرأة في مجلس الشورى؟
بدت على الدكتورة آثار الارتياح الممزوج بالفرح وقالت في هدوء:عدت إلى المملكة بعد غربة استمرت زهاء الستين عاما واتخذت هذا القرار بقناعة كاملة؛ لأن الإنسان مهما طال الزمن وطاب به البقاء في أي بقعة من بقاع الأرض لا بد له أن يعود لتراب وطنه، وشعرت بارتياح كبير عند عودتي إلى وطني لدرجة أني شعرت بأنني ضمن المحظوظات أو سعيدات الحظ بعد تعييني في مجلس الشورى؛ لأنها فرصة أتاحت لي الفرصة لخدمة وطني بطريقة مباشرة علي أرض الوطن إضافة إلي لقاء مجموعة مميزة من بنات وطني وهي فرصة لتبادل الخبرات مكنتني من الإلمام بالقضايا الوطنية عبرهن.
وأعتبر وجودي في مجلس الشورى مدرسة جديدة بالنسبة لي أتعلم فيها مناقشة القضايا الوطنية وأسعى مع جميع أعضاء المجلس لإيجاد حلول لها.
تسترسل الدكتورة ثريا في الحديث فتذكر أنه ورغم خبرتها الطويلة والممتدة إلا أنها أصيبت بنوع من الخوف بعد تعيينها في مجلس الشورى، وقد نبع هذا الخوف من شعورها بالمسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتقها، فهذا منصب تكليف وليس تشريفا كما قال خادم الحرمين الشريفين، وكان لزاما علي أن أعمل لصالح الوطن بعد أدائي القسم.
وتشير عبيد إلى أنه خلال الأشهر الستة الأولى لم يكن هناك مشاركات فعالة من قبلهم، ولكن بعد فترة قصيرة بدأ التأقلم وزال الخوف من خوض التجربة، وأصبح صدى مشاركاتنا واضحا، وقد أشاد بذلك رئيس المجلس مؤكدا أن هنالك نوعا من الديناميكية المختلفة سادت المجلس، وهو ما زاد من شعورنا بالتحدي ونحن بإذن الله على قدر هذا التحدي وهذه المسؤولية.
والملاحظ أن تأقلمي مع الأوضاع في وطني كان سهلا جدا لدرجة أنني أحسست أن عودتي للوطن ومشاركتي في مناقشة قضايا مجلس الشورى أعطتني دفعة معنوية كبيرة، وتأكدت من أن لا كرامة لإنسان إلا في وطنه، بغض النظر عن المصاعب التي يمكن أن تواجهه. فوجودي في المجلس خفف عني ألم سنوات الغربة الطويلة، خاصة أني كنت أحسب البعد العملي وليس المعنوي عن بلدي لأنه من خلال وظيفتي الدولية تمكنت من خدمة وطنني بشكل مختلف، لكنني أشعر الآن أنني لم أفارق المملكة وهذا شعور لايمكن قياسه بأي معيار.
سألنا دكتورة ثريا عبيد عن ارتفاع سقف التوقعات عند المرأة السعودية بعد دخولها مجلس الشورى، وهل يمكن بوجودهن تحقيق هذا السقف أو حتى زيادته؟
استجمعت الدكتورة أفكارها لحظة قصيرة ثم أجابت: وجودنا في المجلس رفع سقف كل التوقعات الموجودة، وهذا أمر متوقع فنحن نناقش كل القضايا بتناغم واحد ونستمع للآراء بكل أطيافها، خاصة فيما يخص المرأة. وعند هذه النقطة بالتحديد صارت هنالك صيغ مختلفة لقضايا المرأة بوجودنا، فهي دافع من وجهة نظري وداعم لقضاياها، ونحن لا نتوانى في مناقشة أي أمر يخص المواطن عامة نرى للمرأة مصلحة فيه كمواطنة تقف متساوية مع أخيها الرجل في المسؤوليات والواجبات كما نص علي ذلك النظام الأساسي للمملكة، لكنني أعتقد أن بداية تحقيق سقف التوقعات هو دخول المرأة لمجلس الشورى.
لكن وبشكل عام نحن نعمل كغيرنا من الزملاء نقدم المشورة للمقام السامي كما أقسم كل الأعضاء أمامه والملك له الحق في اتخاذ القرار النهائي، أي أننا نرفع توصياتنا وتقاريرنا للمقام السامي وله الحق في اتخاذ ما يراه مناسبا.
في ختام حديثها دعت الدكتورة أطياف المجتمع السعودي المختلفة إلى مساندتهن فالتجربة في بداياتها والدعم الإيجابي مدعوم بالنقد البناء مهم لنعمل معا من أجل تحقيق طموحات المواطن لحياة كريمة يحقق فيها حقوقه الإنسانية.